أصناف الغموم وأحتوشته المخاوف والوجوم فلجا إلى جناب الحي القيوم جناب قاصده ولا يصدر الابنيل الأمل وأرده وصار يحسس بيديه ويصغي إلى الحيوان بأذنيه ويتمشى إلى كل جانب ويهوى بيديه إلى الأطراف والجوانب ويتعلق بحبال الهواء كالغريق الغاطس في الماء فوقعت يده على شجره فعلق فيها يديه وظفره وصعد عليها وأوى إليها وتوجه بقلبه إلى خالقه وموجده ورازقه وقطع عما سواه أسباب علائقه واشتغل بالذكر والتسبيح وفوض أمره إلى الله ﷾ بأمل فسيح واستمر في هذا الويل برهة من الليل وكان طائفة من الجان المهرة كل ليلة تأوي إلى هذه الشجرة فتيذاكرون ما جرى في العالم وما صدر في عالم السكون والفساد من أعمال بني آدم ويقيمون أفراحهم ويتعاطون انشراحهم فلما اجتمعوا تلك الليلة ذكر كل قوله وما جرى من الحوادث ومن المفرحات والكربات وما وقع من العجائب واتفق من واقعات الغرائب فقال واحد من القوم ومن أعجب ما وقع اليوم من الأمر الكريه ما فعله ملك بابل بابنأخيه وذكر لهم القضية وما تضمنه من بليه وجعل يتأرق ويتحرق ويتبرم ويتضرم ويحرق الأرم ويتعجب من عدم وفاء بني آدم فقال رئيس الجان وهذا غير بديع من طبع الإنسان فانه مجبول على الغدر مطبوع على الدهاء والمكر ألم تسمع قول قائلهم في وصف فضائلهم وقبيح شمائلهم ممن أنخرط في سلك الفضل بدون منع ولا حجز إذا كان الغدر طباعًا فالثقة بكل أحد عجز ثم قال الرئيس اعلم يا نفيس اني أعلم ما يزيل هذا الألم ويطفيء هذا الضرم ويشفي هذا السقم وهو أن هذه الشجرة النجيبة لها خاصية عجيبة
1 / 101