غير محلها وحرم المستحقون وأبطل المحققون إلى أن وقع الاختلال وعم الفساد والضلال وقويت أعضاد الظلمة على العباد وسائر القرى والبلاد وهذا لا يليق بشرف مولانا الملك ولا بأصله ولا يجوز في شرع المروأة أن يكون الظلم طراز عدله إذ قدره العلي وأصله الزكي أعظم مقامًا من ذلك ولا يحسن أن ينتشر الأصيت رأفته في الممالك وعلى الخير مضى سلفه الكرام وانطوى على مآثرهم صحائف الأيام وقد قيل:
فان الظلم من كل قبيح ... وأقبح ما يكون من التنبيه
وقيل:
ولم أر في عيوب الناس شيئًا ... كنقص القادرين على التمام
ما وسعني إلا الانحياز إلى العزلة والتعلق بذيل الانفراد والوحدة وما أمكنني أن أعمل شيا ولا أقطع دون العرض على الآراء الشريفة وامتثال ما تبرزه مراسيمها المنيفة فغد قال الناصح في بعض النصائح لا تخاطب الملوك فيما لم يسألوك ولا تقدم على ما لم يامروك فلما أذن في الكلام قمت هذا المقام فقلت قطرة من بحور وذرة من طيور ورأيت ذلك واجبًا عليّ ونفعه عائدًا إليّ وذكرت بعض ما وجب على سائر الناصحين ولزم ذكره جميع المسلمين من طريق واحدة ولزمني أنا من طرق متعددة أدناها طريق المروة وأعلاها بل أغلاها وثيق الأخوة التي هي أقوى الأسباب وأعظم الوصلات في هذا الباب فان لحمة القرابة عي السبب الذي لا يقطعه سيف الحدثان والبنيان الذي لا يهدمه معول الزمان وأساس الأخوة عنوان الفتوة قال الله تعالى وعز وجمالًا وتقدس كمالًا سنشد عضدك بأخيك
1 / 44