1 ، فقد روى أن رجلا من بني هاشم استأجره رجل من قريش من فخذ أخرى، فانطلق معه في إبله، فمر به رجل من بني هاشم - وقد انقطعت عروة جوالقه - فقال: أغثني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل، فأعطاه عقالا فشد به، فلما نزلوا عقلت الإبل إلا بعيرا واحدا، فقال الذي استأجره، ما بال هذا البعير لم يعقل؟ فقال: ليس له عقال، فقال: فأين عقاله؟ وحذفه بعضا كان فيها أجله، فمر به «بالمقتول» رجل من أهل اليمن قال: ... فهل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال: نعم، قال: إذا شهدت الموسم فناد يا لقريش، فإذا أجابوك فناد يا لبني هاشم، فإذا أجابوك فاسأل عن أبي طالب فأخبره أن فلانا قتلني في عقال، ومات المستأجر؛ فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب، فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض فأحسنت القيام عليه ووليت دفنه، قال: قد كان أهل ذلك منك، فمكث حينا، ثم إن الرجل الذي أوصى إليه وافى الموسم ... حتى جاء أبا طالب، قال أمرني فلان أن أبلغك رسالة: إن فلانا قتله في عقال؛ فأتاه «المستأجر» أبو طالب، فقال: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل، فإنك قتلت صاحبنا، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله، فإن أبيت قتلناك به ... إلخ الحديث.
وهذه القصة تدلنا على أنواع كثيرة من النظام القضائي عندهم.
ويظهر أن مكة قبيل الإسلام بلغت شيئا من الرقي في نظامها الحكومي، ومنه القضاء، كما يدلنا على ذلك ما روي من توزيع الأعمال على عشرة رجال من عشرة أبطن
2 ، كالحجابة والسقاية والرفادة والندوة واللواء، وكان من هذه الأعمال شيء يتعلق بالقضاء عهد به إلى أبي بكر في الجاهلية؛ فقد ذكروا أنه عهد إليه بالأشناق، وهي الديات والمغارم، ويدلنا على ذلك أيضا ما رووا لنا من اجتماع بعض قبائل قريش على حلف الفضول، فقد تحالفوا على ألا يظلم بمكة غريب ولا قريب، ولا حر ولا عبد، إلا كانوا معه حتى يأخذوا له بحقه، ويؤيدوا له مظلمته من أنفسهم ومن غيرهم.
كذلك كان التشريع في المدينة قبل الإسلام راقيا رقيا نسبيا لاختلاط العرب فيها باليهود، وكان عندهم من التوراة وشروحها كثير من الأحكام، وكانوا خاضعين في شئونهم للقانون اليهودي.
وقد تعرض الإسلام للقانون الجاهلي، وبعبارة أخرى لعرف العرب وتقاليدهم في الجاهلية، فأقر بعضا وأنكر بعضا وعدل بعضا، مثال ما أقره: القسامة وهي التي حكينا عن البخاري قصتها من قبل، فقد أخرج مسلم والنسائي عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم
أن رسول الله أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضى بها بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على يهود خيبر
3 ، وعدل الإسلام بعض شريعة الجاهلية في الحج والزواج والطلاق والمهر والخلع والإيلاء، وألغى نظام التبني المعروف - كان - في الجاهلية، كما ألغى البيع بإلقاء الحجر والملامسة والمنابذة؛ ويطول بنا القول لو ذكرنا ما يروى من هذه النظم في الجاهلية، وما أدخله عليها الإسلام من تعديل أو إلغاء. •••
جاء رسول الله
Неизвестная страница