110

Заря ислама

فجر الإسلام

Жанры

بل كانت اللغة السريانية أيضا لغة الوثنية وآدابها؛ وأشهر مراكز الوثنية السريانية مدينة حران (في جنوبي الرها)، وقد ظلت هذه المدينة مركزا للديانة الوثنية والثقافة اليونانية إلى ما بعد الإسلام؛ فكانوا بعد الفتح الإسلامي يدرسون الرياضة والفلك والفلسفة على المذهب الأفلاطوني، وهم الذين تسموا - بعد ذلك - في عصر المأمون وبعده بالصابئين؛ وكان منهم كثيرون من المؤلفين، ومن تولوا الترجمة بعد. •••

وقد عاشت الآداب السريانية من القرن الثالث الميلادي إلى القرن الرابع عشر؛ ولكن حياتها بعد الفتح الإسلامي كانت حياة ضعيفة لغزو اللغة العربية لها وغلبتها.

وبقي لنا من الأدب السرياني مجموعة في مختلف أنواع الكتابة، ولكن الذي بقي منها إنما هو من المدرسة النصرانية لا الوثنية؛ فهناك كتب في الصلوات والأدعية الدينية والأقاصيص التاريخية، والتاريخ العام، والفلسفة، والعلوم، وكلها مصبوغ بالصبغة الدينية؛ لأن أكثر الكتاب كانوا قسيسين ورهبانا، وهناك قليل من الآثار الأدبية نظما ونثرا.

وخدم السريانيون العلم والفلسفة بما ترجموا أكثر مما ألفوا، فلم يبتكروا كثيرا.

وحفظت اللغة السريانية بعض الكتب اليونانية التي فقد أصلها، وكانت ترجمتهم لكتب الفلسفة اليونانية هي الأساس الذي اعتمد عليه العرب والمسلمون أول أمرهم، وقد كانت الترجمة السريانية في عهدها الأول ترجمة حرفية تقريبا، ثم تحرر الكتاب المتأخرون من حرفية الترجمة.

وكان هؤلاء السريانيون ينقلون العلوم اليونانية بدقة وأمانة فيما لم يمس الدين، كالمنطق والطبيعة والطب والرياضة، أما الإلهيات ونحوها فكانت تعدل بما يتفق والمسيحية، حتى لقد حولوا أفلاطون في كتابتهم إلى راهب شرقي، فقالوا: إنه بنى لنفسه معبدا في برية بعيدا عن الناس، وظل يتعبد فيه سنين؛ وهذه هي الطريقة التي سلكها المسلمون بعد، فقد أغفلوا من الإلهيات كثيرا مما يخالف تعاليم الإسلام، ولم يقتصر السريانيون على الترجمة من اليونان، بل ترجموا كذلك من الفهلوية فترجموا منها تاريخ الإسكندر، نقله الفرس عن اليونانية، ثم نقله السريانيون من الفهلوية وكذلك ترجموا كليلة ودمنة إلى السريانية في القرن السادس الميلادي، وقصة السندباد في القرن الثامن .

ومن أشهر رجال الدين والأدب من السريانيين الذين يعرفهم المسلمون بارديصان أو ابن ديصان

Bardaisan (مات سنة 222م)، وديصان اسم نهر نسب إليه، وله مذهب ديني مزج فيه الثنوية بالنصرانية كما فعل ماني، وكان ينكر بعث الأجسام، ويقول: إن جسد المسيح لم يكن جسما حقيقيا بل صورة شبهت للناس أرسلها الله تعالى. وله تعاليم كثيرة بقيت بعد ظهور الإسلام، ومنها استمد الرافضة بعض أقوالهم، وانتسب إليه بعضهم كأبي شاكر الديصاني وأخذ علماء الكلام في الرد عليهم، وهم يكتبون عن أتباعه تحت اسم «الديصانية»،

ومن أشهرهم أيضا سرجيس الرسعني من مدينة «رأس عين»، وقد مات سنة 536 م، وهو من أشهر المتأدبين بالآداب اليونانية وترجم منها إلى السريانية كتبا كثيرة بعضها محفوظ إلى عهدنا في المتحف البريطاني، منها رسائل لأرسطو ولفورفوريوس ولجالينوس، وألف رسالة في المنطق ليست كاملة تبحث في المقولات العشر، والإيجاب والسلب، والجنس والفصل ... إلخ، وألف رسالة أخرى في تأثير القمر وفي حركة الشمس، وقد انتشرت كتبه بين اليعاقبة والنساطرة وعدوه عمدتهم في المنطق والطب.

وألف غير سرجيس كثيرون - في هذا العصر - في النفس والقضاء والقدر والنحو، وفي أن الإنسان عالم صغير وفي تركب الإنسان من جسم وروح ... إلخ.

Неизвестная страница