Рассвет совести

Салим Хасан d. 1381 AH
199

Рассвет совести

فجر الضمير

Жанры

وهكذا كانت حالة معبد الشمس «بتل العمارنة» الذي كان فنانو «إخناتون» يصورونه دائما مغمورا ببحر من ضوء الشمس، بينما كان «آتون» المشع يشرق من فوقه وقد ضمه في أحضان أشعته الفياضة.

ولم يبق الآن شيء من معبد ذلك النور الأبدي، الذي كان يوما ما ساطعا، إلا بقايا ضئيلة من أساسه، فهل بقي أي شيء آخر؟ وهل تجري أقدم ثورة للعقل البشري مجراها ولا تترك خلفها نتيجة باقية؟

إن ثورة «إخناتون» كانت عنيفة في طرقها أكثر مما يجوز، فلم يخلد شيء مما أحدثته من الانقلاب؛ فالفن المدهش الذي أحدثته كان مهذبا أكثر مما كان يلزم في التصور وقوة التعبير فلم يعش طويلا، وقد كشفت لنا معامل الملك التي كانت في «تل العمارنة» عن منزلة حب ذلك الفن المدهش عند أولئك الفنانين الملكيين، وقد ترك عملهم هذا أثره في فن العصر الذي جاء بعده، غير أن فني النحت والتلوين لم يستردا قط تلك الحرية التامة التي نعما بها في عهد «إخناتون»، كما أنهما لم يلقيا ثانية جو تلك الحقيقة الدقيقة التي كانت تسود فن معامل «تل العمارنة».

وأما في الأخلاق فلم يعد تعظيم الصدق بتلك الدرجة السامية التي بلغها في تصور «إخناتون»، ومما لا شك فيه أن تقديره العاطفي للجمال والفيض اللذين شاهدهما في صنع الإله قد ترك أثرا لم ينس قط بأكمله، وليس من شك مطلقا في أن تلك الأنشودة المصرية قد بقيت في شكل ما بعد موت «إخناتون»، حتى عرفها العبرانيون بعد قرون مضت واستعملها مؤلف المزمار الرابع بعد المائة، وبذلك لم تختف جملة روح مذهب «آتون»، وسنجد فيما بعد برهانا آخر على تأثيرها، وعلى أن عنف هجوم إخناتون التعصبي على التقاليد قد جعل من الطبيعي أن ينزل عليه وعلى حركته الانتقام الجزائي الذي كانت خاتمته الدمار التام.

فلا غرابة إذن في أن تلك العاصفة حينما هبت اكتسحت على وجه التقريب كل أثر لأقدم باحث عن المثل الأعلى. وليس لدينا ما ينبئنا عنه إلا القليل فوق ما عثر عليه من بقايا مدينته، التي كانت بمثابة مركز منعزل للمثل العالية، التي لم يدركها غيره أو يعرفها، إلا بعد مضي قرون عدة، حينما تألف أولئك البدو الذين كانوا إذ ذاك ينزحون إلى أقاليم «إخناتون» الفلسطينية وكونوا أمة، كان لها من المطامح الاجتماعية والخلقية والدينية ما كان من نتائجه ظهور أولئك الرسل العبرانيين وأصحاب المزامير، ليواصلوا السير بالروح والرؤيا اللتين سبقهم فيهما أصحاب الأحلام الاجتماعيون من المصريين الأقدمين.

وكان من جراء انهماك «إخناتون» في معنويات ثورته العظيمة أن عكفته على التأمل والتيه في الأحلام بقصر الشمس في «تل العمارنة»، في حين أن الحيثيين، وهم الأعادي الجدد أصحاب البأس الشديد في غربي آسيا، كانوا قد قاموا بفتح سريع لدولة مصر الآسيوية، وفي حين أن الكهنة والجنود بين شعبه نفسه قد قوضوا سلطان الأسرة الثامنة عشرة تقويضا تاما، وهي أسرة ذلك الفرعون ذات الصولة التي سادت الشرق القديم نحو مائتين وثلاثين سنة. وبهدم سلطان «إخناتون» بدأت مصر عصرا جديدا يختلف عما قبله. حقا إن بهاء عظمتها الظاهري وذلك المظهر الرائع لثباتها الطويل المدى كان ذكرهما لا يزال يتردد في تعابير الافتخار اللفظية التقليدية، ولكن الحالة الواقعية أخذت تضمحل بعض الشيء عندما اقترب القرن الرابع عشر ق.م من نهايته.

وكان أصداء المذهب الإخناتوني لم ينقطع ترددها بعد، كما كانت علاقته بالتعليم الشمسي الهليوبوليسي القديم لا يزال معترفا بها، بل إن نفس الأنشودة المعبرة عن الفوز (المفعم بالشماتة) الذي أحرزه كهنة «آمون» ضد مذهب «إخناتون»، تنم عن اتصالها بالمذهب الشمسي القديم، وعن تعبيرها عن أبوة «رع» عندما تنتقل إلى مديح «آمون» وتصنفه بأنه «الراعي الطيب» و«النوتي»، وهي أفكار نبتت في أثناء الحركة الاجتماعية للعهد الإقطاعي المصري كما تقدم ذكره فيما سبق.

والواقع أنه بالرغم من العودة إلى عبادة «آمون» فإن الأفكار والاتجاهات التي نشأت منها ثورة «إخناتون» لم تختف جملة. حقا لم يكن في الإمكان اتباعها على أنها توحيد يشمل القضاء على الآلهة الأقدمين، غير أن نواحي «آتون» الإنسانية والخيرية التي تتمثل في عنايته بكل البشر كانت قد استولت على خيال الطبقة المفكرة؛ ولذلك نجد نفس تلك الصفات التي كانت لآتون تنسب آنئذ إلى «آمون»، حيث كان الناس يرتلون له ما يأتي:

1

رب الصدق ووالد الآلهة

Неизвестная страница