Вера между саляфами и богословами

Ахмад ибн Атия аль-Гамди d. 1432 AH
127

Вера между саляфами и богословами

الإيمان بين السلف والمتكلمين

Издатель

مكتبة العلوم والحكم،المدينة المنورة

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Место издания

المملكة العربية السعودية

Жанры

وعلى كل حال، فهذا أصل من أصول المعتزلة سواء أجمعوا عليه أم لم يجمعوا فهو المذهب المشهور الشائع عنهم، وأي خلاف فيه من قبلهم فإنه لا ينقض المذهب، لا سيما وأنهم قد اشتهروا بتبنِّيه والاستدلال له. ومن رجع منهم عن القول به فإنما كان ذلك منه لأنه في نظري ناشد للحقيقة غير متبع ولا مقلد، فلا يستغرب ذلك، إلا أنه كما قلت هو المذهب المقترن باسم المعتزلة عند ذكرهم دائمًا. أما أدلتهم على قولهم بخلود مرتكب الكبيرة في النار، فقد استدلوا بأدلة عقلية ونقلية: فأما الأدلة العقلية: فمنها ما ذكره القاسم الرسي من أن أحدًا لا يقدر أن يؤدي كل ما استحق الله تبارك تعالى من عباده، من شكر نعمته وإحسانه، بالكمال والتمام، حتى لا يبقى مما يحق لله جل ثناؤه شيئًا إلا أداه، هيهات فكيف وهو يقول ﵎: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾ ١ فكيف يؤدي شكر ما لا يحصى؟ ولم يفترض على خلقه ذلك، ولا سأل كل ما له عليهم مما يستحق لديهم، لعلمه بضعفهم وأن في بعض ذلك استفراغ جهدهم، وما تعجز عنه أنفسهم وأنهم لا يقدرون على ذلك ويقصرون عن بلوغ ذلك ... وغفر لهم صغير ذنوبهم كله إذا اجتنبوا كبيرة رحمة بهم، ونظرًا لهم ٢، فأما من رجا الرحمة ٣ وهو مقيم على الكبيرة فقد وضع الرجاء في غير موضعه، واغترَّ بربه واستهزأ بنفسه، وخدعه وغره من لا دين له، إلا أن يتوب فيغفر له بالتوبة، فأما الإقامة على الكبائر فلا ... وذلك أن للجنة والنار طريقان فطريق الجنة طاعته المجردة عن الكبائر

١ النحل: ١٨. ٢ يريد رعاية لهم. ٣ من هنا سمى المعتزلة السلف مرجئة لقولهم بإرجاء حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يحكم عليه بحكم ما في الدنيا بل يترك حكمه إلى الله إن شاء عذبه عدلًا منه وأخرجه من النار، وإن شاء عفا عنه ابتداءً بفضله ورحمته.

1 / 141