قال فحياه عبد الله وقال له ما الخبر يا شمردل فقال اعلم يا سيدي أن مولاي أبا الحارث عبد المطلب قد وجهني نحوك وهو يدعوك فإن رأيت يا سيدي أن تجيبه فافعل قال عبد الله السمع والطاعة وقام عبد الله من ساعته ودعا بمفتاح الخزانة وأعطي المفتاح ففتح باب الخزانة وأخرج منها جوشنة فأفرغها على نفسه فأخرج بعد ذلك درعا فاضلا فأفرغه على نفسه فوق جوشنه واستخرج بيضة عادية فقلبها على رأسه وتقلد بسيفين واعتقل رمحا ودعا بنجيب فركبه كالدكة وجاء نحو عبد المطلب فلما دخل تقدم شمردل وأخبر عبد المطلب وكان جالسا مع رؤساء مكة مثل عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وعقبة بن أبي معيط وجماعة من قريش فلما رأى عبد المطلب عبد الله قام على قدميه واستقبله وعانقه وصافحه وأقعده على جنبه وألزق ركبتيه بركبتيه ولم يتكلم حتى استراح ثم قال له عبد المطلب يا أبا ذؤيب أتدري بما ذا دعوتك قال يا سيدي وسيد قريش ورئيس بني هاشم حتى تقول فأسمع منك وأعمل بأحسنه قال اعلم يا أبا ذؤيب أن نافلتي محمد بن عبد الله مات أبوه ولم يبن عليه أثر ثم ماتت أمه وهو ابن أربعة أشهر وهو لا يسكن من البكاء إلى اللبن وقد عرضت عليه أربعا وستين جارية من أشرف وأجل بني هاشم فلم يقبل لواحدة منهن لبنا والآن سمعنا أن لك بنتا ذات لبن فإن رأيت أن تنفذها لترضع ولدي محمدا ص فإن قبل لبنها فقد جاءتك بأسرها وعلي غناك وغنى أهلك وعشيرتك وإن كان غير ذلك ترى مما رأيت من النساء غيرها فافعل ففرح عبد الله فرحا شديدا ثم قال يا أبا الحارث إن لي بنتين فأيهما تريد قال عبد المطلب أريد أكملها عقلا وأكثر لبنا وأصون عرضا فقال عبد الله هاتيك حليمة لم تكن كأخواتها بل خلقها الله تعالى أكمل عقلا وأتم فهما وأفصح لسانا وأثج لبنا وأصدق لهجة وأرحم قلبا منهن جميعا. قال الواقدي فقال عبد المطلب إني ورب السماء ما رأيت إلا تلك فقال عبد الله السمع والطاعة فقام من ساعته واستوى على متن جواده وأخذ نحو
Страница 26