١٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى السُّلَمِيُّ ﵀ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي ⦗٩٩⦘ خَالِدٍ الْأَصْفَهَانِيُّ الْعَدْلُ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ:، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ التَّمَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ فِي يَوْمٍ يُعْرَضُ فِيهِ الدِّيوَانُ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ أَعْمَى أَعْرَجُ قَدْ عَنَّى قَائِدَهُ، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَآهُ وَأَعْجَبَهُ شَأْنُهُ: مَنْ يَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ صَبْغِيٍّ فَقَدَ أَهْلَهُ بَرِيقٌ، قَالَ: وَمَا بَرِيقٌ؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَالَ ⦗١٠٠⦘: أَشَاهِدٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأُتِيَ بِهِ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ وَشَأْنُ بَنِي صَبْغَاءَ؟ قَالَ: إِنَّ بَنِي صَبْغَاءَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَإِنَّهُمْ جَاوَرُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مَالِي وَيَشْتُمُونَ عِرْضِي وَأَنَا أَشْتَهِيهِمُ، وَنَاشَدْتُهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَأَبَوْا عَلَيَّ، فَأَمْهَلْتُهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَوْتُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ، وَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَدْعُوكَ دُعَاءً جَاهِدًا اقْتُلْ بَنِي صَبْغَاءَ إِلَّا وَاحِدًا، ثُمَّ اضْرِبِ الرَّجُلَ فَذَرْهُ قَاعِدًا أَعْمَى إِذَا مَا قِيدَ عَنَّى الْقَائِدَ، فَلَمْ يَحُلِ الْحَوْلُ حَتَّى هَلَكُوا غَيْرَ وَاحِدٍ وَهُوَ هَذَا كَمَا تَرَى قَدْ عَنَّى قَائِدَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ فِي هَذَا لَعِبَرًا وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَّا أُحَدِّثُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَ هَذَا وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ رِجَالًا مِنْ خُزَاعَةَ جَاوَرُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَطَعُوا رَحِمَهُ وَأَسَاءُوا مُجَاوَرَتَهُ، وَإِنَّهُ نَاشَدَهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا أَعْفَوْهُ مِمَّا يَكْرَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا جَاءَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ آمِنٍ وَخَائِفْ ... وَسَامِعًا هُتَافَ كُلِّ هَاتِفْ
إِنَّ الْخُزَاعِيَّ أَبَا تَقَاصُفْ ... لَمْ يُعْطِنِي الْحَقَّ وَلَمْ يُنَاصِفْ
⦗١٠١⦘
فَاجْمَعْ لَهُ الْأَجِنَّةَ اللَّآطِفْ ... بَنِي قِرَانٍ ثَمَّ وَالنَّوَاصِفْ
اجْمَعْهُمْ فِي جَوْفِ كُلِّ رَاجِفْ
قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ عِنْدَ قَلِيبٍ يَنْزِفُونَهَا فَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فِيهَا وَمِنْهُمْ مَنْ هُوَ فَوْقَهَا تَهَوَّرَ الْقَلِيبُ بِمَنْ كَانَ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنْ كَانَ فِيهَا، وَصَارَتْ قُبُورَهُمْ حَتَّى السَّاعَةِ، قَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ فِي هَذَا لَعِبْرَةً وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ آخَرُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا أُخْبِرُكَ بِمِثْلِ هَذَا وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ هُذَيْلٍ وَرِثَ فَخِذَهُ الَّتِي هُوَ فِيهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ، فَجَمَعَ مَالًا كَثِيرًا فَعَمَدَ إِلَى رَهْطٍ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الْمُؤَمَّلِ فَجَاوَرَهُمْ لِيَمْنَعُوهُ وَلِيَرُدُّوا عَلَيْهِ مَاشِيَتَهُ، وَإِنَّهُمْ حَسَدُوهُ عَلَى مَالِهِ، وَنَفَسُوهُ مَالَهُ، فَجَعَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ مَالِهِ، وَيَشْتُمُونَ عِرْضَهُ، وَإِنَّهُ ⦗١٠٢⦘ نَاشَدَهُمُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ إِلَّا عَدَلُوا عَنْهُ مَا يَكْرَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ رَبَاحٌ أَوْ رِيَاحٌ، يُكَلِّمُهُمْ فِيهِ وَيَقُولُ: يَا بَنِي الْمُؤَمَّلِ، ابْنُ عَمَّتِكُمُ، اخْتَارَ مُجَاوَرَتَكُمْ عَلَى مَنْ سِوَاكُمْ فَأَحْسِنُوا مُجَاوَرَتَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَمْهَلَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَزِلْ عَنِّي بَنِي الْمُؤَمَّلِ، وَارْمِ عَلَى أَقْفَائِهِمْ بِمَنْكِلٍ، بِصَخْرَةٍ أَوْ عَرْضِ جَيْشٍ جَحْفَلٍ، إِلَّا رَبَاحًا إِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمْ ذَاتَ يَوْمٍ نُزُولٌ إِلَى أَصْلِ جَبَلٍ انْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ لَا تَمُرُّ بِشَيْءٍ إِلَّا طَحَنَتْهُ حَتَّى مَرَّتْ بِأَبْيَاتِهِمْ فَطَحَنَتْهَا طَحْنَةً وَاحِدَةً، إِلَّا رَبَاحًا الَّذِي اسْتَثْنَاهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ فِي هَذَا لَعِبْرَةً وَعَجَبًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَلَا أُخْبِرُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِثْلَهُ وَأَعْجَبَ مِنْهُ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ جَاوَرَ قَوْمًا مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ يُقَالُ لَهُ رِيشَةُ يَعْدُو عَلَيْهِ، فَلَا يَزَالُ يَنْحَرُ بَعِيرًا مِنْ إِبِلِهِ، وَإِنَّهُ كَلَّمَ قَوْمَهُ فِيهِ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدْ خَلَعْنَاهُ فَانْظُرْ أَنْ نَقْتُلَهُ، فَلَمَّا رَآهُ لَا يَنْتَهِي أَمْهَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ دَعَا عَلَيْهِ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
أَصَادِقٌ رِيشَةُ بِلَا ضَمْرَهْ ... أَنْ يُسَيِّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَدَرَهْ
أَمَا يَزَالُ شَارِفٌ أَوْ نَكْرَهْ ... يَطْعُنُ مِنْهَا فِي سَوَاءِ الثُّغْرَهْ
بِصَارِمٍ ذِي رَوْنَقٍ أَوْ شَفْرَهْ ... اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ بَعْدِي فَخِذَهْ
⦗١٠٣⦘
فَاجْعَلْ أَمَامَ الْعَيْنِ مِنْهُ حَذْرَهْ ... يَأْكُلُهُ حَتَّى يُرَى فِي السَّحْوَهْ
فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكَلَةً فَأَكَلَتْهُ حَتَّى مَاتَ قَبْلَ الْحَوْلِ، فَقَالَ عُمَرُ: سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ فِي هَذَا عِبْرَةً وَعَجَبًا، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ لَيَصْنَعُ هَذَا بِالنَّاسِ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ لِيَنْزِعَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَلَمَّا أَتَى اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ أَخَّرَ اللَّهُ الْعُقُوبَةَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدخان: ٤٠]، ﴿بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ﴾ [القمر: ٤٦] وَقَالَ: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ [فاطر: ٤٥]
⦗١٠٤⦘ قَالَ الشَّيْخُ ﵁: هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ عَمَّنْ سَمِعَ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ دُونَ ذِكْرِ بَنِي ضَمْرَةَ وَذَلِكَ يُؤَكِّدُ رِوَايَةَ ابْنِ لَهِيعَةَ وَرُوِي أَيْضًا، عَنْ نَصْرِ بْنِ أَبِي الْأَشْقَرِ، قَالَ: قَسَمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَسْمًا فَنَظَرَ إِلَى رَجُلٍ أَعْمَى فَذَكَرَهُ قَالَ الشَّيْخُ ﵁: وَرُوِي فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ دُخُولِ رَجَبٍ حَدِيثٌ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ
1 / 98