Пояснение Тахавийского вероучения - Юсуф Аль-Гуфейс
شرح العقيدة الطحاوية - يوسف الغفيص
Жанры
التفصيل في معنى: (الحاجة) المنفية عن الله
قال المصنف ﵀: [خالق بلا حاجة، رازق بلا مئونة].
قوله: (خالق بلا حاجة):
(الحاجة) لفظ مجمل حادث، أما كونه حادثًا فلأنه لم يذكر في الكتاب ولا في السنة، وأما كونه مجملًا فهذا باعتبار الاستعمال.
مثلًا: علماء الأشاعرة لما تكلموا في مسألة حكمة الله لم يصرح أحد منهم بنفي الحكمة عن الله، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في رده على ابن المطهر في منهاج السنة، لما قال ابن المطهر: إن بعض طوائف السنة ينفون عن الله الحكمة، قال شيخ الإسلام: (وأما قوله: إن بعض طوائف السنة ينفون عن الله الحكمة، فإنما يريد به مذهب الأشعرية، ومع هذا فإن الأشعري وسائر أصحابه لم ينطق أحد منهم بنفي لفظ الحكمة، بل هذا لا يعرف عن أحد من المسلمين)، فإنهم وإن كان حقيقة مذهبهم نفي الحكمة، لكنهم لا يعبرون بنفيها.
لكن الأشاعرة سموا الحكمة غرضًا وحاجة، ولهذا نجد في كتب الأشاعرة كثيرًا (فصل في أن الله منزه عن الأغراض والحاجات) ومرادهم بالحاجات والأغراض: هو معنى الحكمة المعروف في كلام السلف ﵏، وإذا ذكر الأشعرية الحكمة فسروها بمحض الإرادة والمشيئة، وأما معناها فإنهم ينفونه تحت مسمى الغرض والحاجة.
وعليه: فقول المصنف: (خالق بلا حاجة)، وهذا حرف فيه تردد، فإننا لو أخذنا اللفظ حسب وضع اللغة العربية فإن الجملة تكون مناسبة، حتى ولو لم يرد اللفظ في القرآن فإننا نقول: هذا من باب الإخبار، والخبر إذا كان صحيحًا، ولفظه في اللغة صحيح فلا يلزم التصريح به في الكتاب أو السنة، لكن هذه الجملة فيها نظر؛ لأن لفظ: (الحاجة) صار يراد به عند الأشاعرة وكثير من المتأخرين نفي الحكمة والتعليل لأفعال الله ﷾، وهذا هو الذي جعل بعض شراح الطحاوية يفسرون ذلك بأنه خلق الخلق ليس لحكمة ولا لعلة، إنما لمحض المشيئة، فالصحيح أن يقال: هو الخالق، وهو مستغن عن خلقه، ولكنه خلق الخلق لحكمة.
وجميع حكمته سبحانه لا يعلمها الناس، قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وإذا كان أمره ﷾ يخفى على كثير من الناس مراده به فكيف بحكمته -ويريد بذلك قوله تعالى: ﴿لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ [المائدة:١٠١]- التي لا يعلمها على التمام ملك مقرب ولا نبي مرسل، وإنما يعرفون أصولها وجملها، كقوله: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، لكن سائر ما يقع في هذا الكون من الحركة والسكون والأفعال والتقدم والتأخر والمآلات وما إلى ذلك، فإن تفاصيل العلم بهذه الأشياء محض حق الله ﷾.
2 / 11