شرح تفسير ابن كثير - الراجحي
شرح تفسير ابن كثير - الراجحي
Жанры
بيان المراد بقوله تعالى: (ذلك)
قال تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة:٢].
قال المصنف ﵀: [قال ابن جريج: قال ابن عباس: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة:٢] أي: هذا الكتاب.
وكذا قال مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم وابن جريج: أن (ذلك) بمعنى (هذا).
والعرب تعارض بين اسمي الإشارة].
الصواب (تعاوض)، أي: تجعل بعضها مكان بعض، فقوله: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة:٢] بمعنى: هذا الكتاب، فـ (ذلك): اسم إشارة للبعيد، و(هذا) اسم إشارة للقريب، ففسر هذا بهذا، فقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة:٢] أي: هذا الكتاب.
وفي نسخة مكان تعارض (تقارض)، وله وجه، أي: تنيب هذا عن هذا، وهو بمعنى (تعاوض)، فينوب بعضها عن بعض، مثل قول الشاعر: شربنا بماء البحر.
يعني: شربنا من ماء البحر، فالباء بمعنى (من).
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فيستعملون كلًا منهما مكان الآخر، وهذا معروف في كلامهم، وقد حكاه البخاري عن معمر بن المثنى عن أبي عبيدة].
(عن) هنا زائدة، فـ أبو عبيدة هو معمر بن المثنى، فاسمه: معمر بن المثنى، وكنيته: أبو عبيدة، هو اللغوي المعروف المشهور، حكى عنه هذه المسألة؛ لأنها مسألة تتعلق باللغة، وقد كان إمامًا في اللغة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال الزمخشري: ذلك إشارة إلى ﴿الم﴾ [البقرة:١] كما قال تعالى: ﴿لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ﴾ [البقرة:٦٨]، وقال تعالى: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ [الممتحنة:١٠] وقال: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ﴾ [الأنعام:٩٥]، وأمثال ذلك مما أشير به إلى ما تقدم ذكره، والله أعلم.
وقد ذهب بعض المفسرين فيما حكاه القرطبي وغيره أن (ذلك) إشارة للقرآن الذي وعد الرسول ﷺ بإنزاله عليه، أو التوراة أو الإنجيل أو نحو ذلك في أقوال عشرة، وقد ضعف هذا المذهب كثيرون، والله أعلم.
والكتاب: القرآن، ومن قال: إن المراد بذلك الكتاب الإشارة إلى التوراة والإنجيل كما حكاه ابن جرير وغيره فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وتكلف ما لا علم به].
النُجعة -بالضم كما في القاموس- على غير القياس، فالقياس أن يقال: النَجعة -بالفتح- مثل ضَربة، وقَتلة، وأَثلة، يقال: ضرب ضربة، قتل قتلة، لكن هذا على خلاف القياس، فالنُجعة سماع.
14 / 3