٩ - ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ﴾ (١).
هذه إحدى دعوات زكريا ﵇ التي قصّها اللَّه تعالى في كتابه.
لما رأى زكريا ﵇ أنّ اللَّه يرزق مريم فاكهة الشتاء في الصيف، وفاكهة الصيف في الشتاء، طمع حينئذٍ في الولد، وكان شيخًا كبيرًا قد وهن العظم منه، واشتعل الرأس شيبًا، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعقيمًا، لكنه لكمال إيمانه، وحسن ظنه بربه بكمال قدرته تعالى، ونفوذ مشيئته وحكمته، أقبل على الدعاء من غير تأخير، كما أفاد قوله تعالى: ﴿هنالك﴾.
سأل ربه، وناداه نداء خفيًا، كما في قوله تعالى في سورة مريم: ﴿إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ (٢)، فقوله: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ﴾ (٣): جاء الطلب بلفظ الهبة؛ لأنّ الهبة إحسان محض، ليس في مقابله شيء، وهو يناسب ما لا دخل فيه للوالد؛ لكبر سنّه، ولا للوالدة؛ لكونها عاقرًا لا تلد، فكأنه قال: أعطني من غير وسط معتاد» (٤)؛ لأنه لم ينظر ﵇ إلى الأسباب والمسببات بظروفها العادية؛ بل نظر إلى خالقها، وموجدها، ومكونها، وهذا هو الإيمان الصادق الخالص للَّه