شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال
Жанры
مقدمة الإمام مسلم على الصحيح
افتتح الإمام مسلم كتابه بمقدمة نفيسة، ولكن ينبغي أن نعرف أولًا أن الإمام حينما صنّف كتابه اشترط شروطًا، وكذلك البخاري فعل، والسؤال الآن: هل المقدمة التي جعلها الإمام مسلم كالباب للدخول إلى صحيحه اشترط فيها مثل ما اشترط في أصل الصحيح؟
الجواب
لا، إنما كان شرط مسلم في صحيحه، وأما المقدمة فلها حكم آخر.
فالإمام مسلم افتتح كتابه بمقدمة نفيسة ضمّنها فوائد جليلة من تغليظ الكذب على رسول الله ﷺ، أورد في ذلك الآيات والأحاديث التي ترهّب وتوعّد من الكذب على رسول الله ﷺ بالنار، والخلود فيها، فهذا باب عظيم لمن أراد أن يتعرف على هيبة الرواية عن النبي ﵊ بما لم يكن عنده به علم، ثم نهى المرء عن الحديث بكل ما سمع: (كفى بالمرء إثمًا أن يحدّث بكل ما سمع)، وعقد له بابًا وفصلًا مخصوصًا، ثم استدل لذم الرواية عن الضعفاء والاحتياط في تحملها، فهذه ثلاثة أبواب من أهم أبواب المقدمة.
ثم عقد فصلًا لبيان أن الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء في دين الله ما شاء، وذكر فيه أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين وغيرهم، وهو باب جيد فيما استدل به الإمام مسلم من أدلة، فالأصل أن ترجع أنت إلى هذه المقدمة، وكذلك إلى مقدمة الإمام النووي؛ لتدرس هاتين المقدمتين دراسة جيدة واعية متفحصة؛ لأن دراستك لمقدمة أي كتاب هي بمثابة المفتاح الذي يُفتح به مغاليق الكتاب، ولولا أنك تقرأ مقدمة كل كتاب لما استطعت حل كثير من رموز الكتاب، وهذا في أي كتاب فضلًا عن كتب العلم المصنفة المسندة، ولو أننا تناولنا مقدمة الإمام النووي، وكذلك مقدمة الإمام مسلم لقضينا فيها عامًا كاملًا حتى مل الناس، ولكننا نبدأ بأول الصحيح تيمنًا حتى لا يمل المستمع والقارئ، فينبغي عليك ألا تركن إلى هذا إذ لا بد أن تدرس المقدمة، فكثيرًا ما يقول النووي في أثناء الكتاب وعلى مداره: وهذه المسألة بحثناها وتقدمت في المقدمة وهذه المسألة تحريناها وقد تقدمت في المقدمة، فينبغي لك أن تقرأ المقدمة، ثم تأتي بعد ذلك لنبدأ سويًا في أصل الكتاب.
1 / 14