Объяснение Сахих аль-Бухари от Аль-Хувайни
شرح صحيح البخاري للحويني
Жанры
سؤال النبي ﷺ لأصحابه لأبي ذر عن حق الله على العباد
وكان ﷺ كثيرًا ما يلقي مثل هذه الأسئلة، مثل الحديث المتفق عليه من حديث معاذ بن جبل، ومن حديث أنس بن مالك، فـ أنس يرويه مرة عن معاذ، ومرة يرويه عن النبي ﷺ.
(أن النبي ﷺ كان يركب حمارًا يقال له: عفير، وأردف معاذ بن جبل خلفه، ثم قال: يا معاذ! فقال: لبيك رسول الله وسعديك، فتركه، ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل! فقلت: لبيك يا رسول الله! وسعديك! فسار ساعة ولم يتكلم، ثم قال: يا معاذ! قلت: لبيك رسول الله وسعديك! قال: هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم) .
وهذا السؤال لو سئل أي واحد منا لأجاب في الحال؛ لأن السؤال سهل: حق الله على العباد ماذا؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، لكن الصحابة ﵃ ما كانوا ليتقدموا بالقول على رسول الله ﷺ، ولأنه ﷺ قد يجيب بجواب أطول وأكمل وأفضل، فهو يتركه ليجيب، قال: (أتدري ما حق الله على العباد، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، ثم قال: يا معاذ بن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ قال: الله ورسوله أعلم) .
هذا نظير الحديث الذي سيأتينا أيضًا (أن النبي ﷺ سأل أصحابه يوم النحر، قال: أي شهر هذا؟ فقالوا: الله ورسوله أعلم)، ما الذي جعلهم لا يتكلمون؟ في بعض الروايات قالوا: (فظننا أنه سيسميه بغير اسمه)؛ لأنهم ظنوا أن الرسول ﷺ لا يسأل عن حاجة بديهية، كونهم يعرفون أنهم في ذي الحجة، انظر: الفطنة والذكاء.
ولأن السؤال خرج عن أصله، وهو لا يقصد الجواب المباشر، يعني أنا لو قلت لكم: أين نحن جالسون الآن؟ لو أساء رجل الظن وقال: لعل الأخ هذا غير منتبه أم ماذا؟ أو اختلط؟، طالما ونحن ندرس في علم الحديث، سيقول: ألسنا جالسين في المسجد؟!!، هل هذا مما يتوه المرء فيه عندما أسأل أين نحن جالسون؟ وأنا أعرف أننا في المسجد، يجب أن تعلم أني أقصد بهذا السؤال شيئًا غير مباشر، لا أريد الإجابة المباشرة التي نعرفها جميعًا، هذا هو ما فهمه الصحابة.
(أي شهر هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس ذا الحجة -لاحظ أنه لم يغير شيئًا- قالوا: بلى، قال: فأي بلد هذا؟ -كان بإمكانهم أن يقولوا: البلد الحرام؛ لأنه لم يغير شيئًا في الإجابة الأولى- قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس البلد الحرام؟ قالوا: بلى، قال: فأي يوم هذا؟ -أظن كان لهم أن يقولوا: يوم النحر؛ لأنها الإجابة الثالثة، أليس كذلك- قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أليس يوم النحر؟ قالوا: بلى -لاحظ الرسول ﷺ ماذا سيقول الآن؟! - قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) الثلاث القضايا التي أراد النبي ﷺ أن ينبه عليها كانت مهدرة في الجاهلية.
كما في قصة المغيرة بن شعبة مع نفر من بعض قبائل العرب قبل أن يسلم، فلما شربوا الخمر قام وذبحهم كلهم، وأخذ أموالهم، وفر إلى رسول الله ﷺ مسلمًا، فقال: (يا رسول الله! قد أسلمت، والمال هذا حكايته كذا وكذا، وذبحتهم وأخذت أموالهم وأتيت، وخذ المال، فقال ﵊: أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيءٍ)، لأنه أُخذ غدرًا.
ومسألة قتل النفوس وقتل الرجال والنساء فإن العرب قبل الإسلام كانوا يفعلونه، فمسألة الدماء والأموال والأعراض كانت مسألة غير مستقرة عند العرب، ولم يكن لها قيمة، لكنهم كانوا يعظمون الشهر الحرام والبلد الحرام ويوم النحر، فالنبي ﷺ أراد أن يقرب لهم المعنى، ووجه لهم الأسئلة بالطريقة التي سمعتموها، يعني: إذا كنتم تعظمون المكان والشهر واليوم وتحرمونها فكذلك الدماء والأموال والأعراض، حرام عليكم كحرمة تلك الأشياء.
فالنبي ﷺ كان ما بين الفينة والفينة يختبر أصحابه، يقول لـ معاذ: (يا معاذ بن جبل أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ قال: الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذبهم) .
8 / 10