شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
شرح ألفية ابن مالك للعثيمين
Жанры
الحياة العلمية في عصر ابن مالك
[بسم الله الرحمن الرحيم.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﵌، وبعد.
مقدمة: الحالة العلمية في عصر ابن مالك.
يمتاز عصر ابن مالك بكثرة ما ألف فيه من كتب في مختلف العلوم والفنون، ويرجع ذلك إلى ما كان يغدقه الملوك على العلماء من المال، وإلى ما كان للعلماء من المنزلة الرفيعة والتوقير لدى السلاطين والحكام، وإلى ما كان من رغبة بعض هؤلاء الملوك في إنشاء الخزانات الخاصة وحمل العلماء على تأليف الكتب برسمها.
هذا إلى كثرة إنشاء المدارس وإقبال الطلاب عليها، هذه الحالة التي جعلت العلماء ينكبون على التأليف والتدوين حتى كان ما ألفوه أعظم ثروة علمية للغة والدين والآداب.
ولعل كثرة إنشاء المدارس وإقبال الطلاب عليها وتخصيص المدرسين لها؛ لعل ذلك كان سببًا في أن يصبح التعليم صناعة خاصة تحمل العلماء على التفكير في تسهيل العلم على طلابه، وتيسير السبيل عليهم للإحاطة بشوارده، ولعله كان سببًا في أَنْ أكثرَ العلماءُ من نظم العلوم المختلفة، بل من نظم المنظومات المختلفة في العلم الواحد، فإنه من الثابت أن النظم أسرع في الحفظ وأبقى في الذهن من النثر.
وإذا علمت أن ابن مالك أندلسي المولد والنشأة، وأن أهل الأندلس إذ ذاك أشد أهل الأرض حبًا للعلم وتفانيًا في تحصيله وتوقيرًا لأهله، وأن ابن مالك ميال بطبعه إلى النظم فلم يكن يعاني في قوله مشقة، ولا يصادفه في إنشائه عنت؛ إذا عرفت ذلك أمكنك أن تدرك السر فيما وصل إليه ابن مالك من العلم والفضل].
1 / 7