47

Тазкира аль-Муктисия, комментарий к акъиде аль-Хафиза Абд аль-Гани Аль-Макдиси

تذكرة المؤتسي شرح عقيدة الحافظ عبد الغني المقدسي

Издатель

غراس للنشر والتوزيع

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٢٤هـ/٢٠٠٣م

Жанры

إلى الأخلاق التي بينت في الكتاب والسنة فهي أزكى الأخلاق وأطيبها. فدين هذا شأنه - وصفه الباري سبحانه بأنَّه كامل - لم يبق على أهله إلا أن يُقبلوا عليه ويتعلموه ويفهموه ويقوموا به على التمام والكمال، فما عليهم إلا أن يتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم ﷺ، فيأخذوا عنهما دينهم، ويتلقوا منهما إيمانهم، ويعبدوا من خلالهما ربهم ﵎. كما قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ ١. يقول ابن القيم ﵀: " فإذا كان سبحانه قد نهى عن التقدم بين يديه، فأيُّ تقدم أبلغ من تقديم عقله على ما جاء به. قال غيرُ واحد من السلف:"لا تقولوا حتى يقول، ولا تفعلوا حتى يأمر". ومعلوم قطعًا أنَّ من قدم عقله أو عقل غيره على ما جاء به فهو أعصى الناس لهذا النبي، وأشدهم تقدمًا بين يديه " ٢. فقول السلف:"لا تقولوا حتى يقول"هذا يتعلق بالاعتقاد. وقولهم:"لا تفعلوا حتى يأمر"هذا يتعلق بالعبادة والعمل. بينما حال المبتدع على خلاف ذلك، فتجده مفرطًا في جوانب كثيرة من الدين، مخلًا بواجباته التي دل عليها الكتاب والسنة، متشبثًا ببدع اخترعها هو، أو اخترعها له بعض شيوخه. فأين عقول المبتدعة؟! أين تذهب أفهامهم عن مثل هذه الآية الكريمة الدالة على كمال هذا الدين وتمامه؟! ولهذا من أتى بعقيدة أو عبادة ليست في القرآن والسنة فهو في حقيقة الأمر كالمستدرك على الشارع، بل إنَّ فعله هذا يتضمن اتهامًا للنبي ﷺ أنَّه ترك جوانب من دين الله ﵎ دون بيان. ولأجل هذا قال الإمام مالك بن أنس ﵀ كلمته العظيمة، واستشهد لها بهذه

١ الآية ١ من سورة الحجرات. ٢ الصواعق المرسلة ٣/٩٩٦ وقال في إعلام الموقعين ١/٥١: " والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول الله ﷺ أو يفعل ".

1 / 51