80

Комментарий и разъяснение к Тафсиру аль-Джалалайн - Часть 1

التعليق والإيضاح على تفسير الجلالين - جـ ١

Номер издания

الأولى

Год публикации

١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م

Жанры

وقولُه: (لِتَنتفِعُوا به وتَعتبرُوا): يشير إلى ما تدلُّ عليه اللام في قوله: ﴿لَكُمْ﴾ من الامتنان بما خلقَه الله في الأرض من النعم لمصلحة العباد. وقولُه: (بعد خلقِ الأرضِ أي: قصدَ): هذا بيانٌ لمعنى قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ﴾، وأنَّ ذلك بعد خلق الأرض كما تدلُّ عليه الآيات في سورة فصلت، وفسَّر المؤلِّف: ﴿اسْتَوَىْ﴾ بقَصَدَ، وهو معنى قول بعضهم: عمدَ، وهو معنى صحيح (^١)، والأَولى: تفسيرُه بصعد (^٢)؛ لأنَّ كلًّا منهما يتعدى بـ «إلى». وقولُه: (الضميرُ يرجعُ إلى السماء): يريد ضمير جمع المؤنث «هُنَّ»، يقول: يرجع إلى السماء، وهو مفرد، فعَوْدُ الضمير إليها بلفظ الجمع باعتبار ما هي صائرةٌ إليه، وهو كونها سبعَ سموات، وأصل معنى السماء: العُلُو من سماء يسمو (^٣)، وكانت السماء دخانًا كما في آية فصلت: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهْيَ دُخَانٌ﴾ [فصلت: ١١]، قال المفسِرون: وهذا الدخان هو بخارُ الماء الذي عليه العرش (^٤)، فسوَّى الله من هذه السماء سبعَ سماوات، كما قال في سورة

(^١) قاله: الفراء وابن كيسان وابن قتيبة، واختاره: ابن كثير والسعدي. ينظر: «معاني القرآن» للفراء (١/ ٢٥)، و«معاني القرآن» للزجاج (١/ ١٠٧)، و«غريب القرآن» لابن قتيبة (ص ٤٥)، و«تفسير ابن كثير» (١/ ٢١٣)، و«تفسير السعدي» (١/ ٥٢ - ٥٣). وتفسير الاستواء هنا بالقصد ليس من التحريف المذموم؛ فإن ﴿اسْتَوَى﴾ ترد في القرآن على ثلاثة معاني: فتارة لا تعدى بالحرف، فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله عن موسى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾، وتارة تكون بمعنى «علا وارتفع»، وذلك إذا عديت بـ «على» كما في قوله تعالى: ﴿ثم استوى على العرش﴾، ﴿لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ﴾، وتارة تكون بمعنى «قصد»، كما إذا عديت بـ «إلى» كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض، قصد إلى خلق السماوات. ينظر: «تفسير السعدي» (١/ ٥٢ - ٥٣)، (١/ ٢٢ - ٢٣). (^٢) قال البغوي: قال ابن عباس وأكثر مفسري السلف: «أي: ارتفع إلى السماء»، واختاره الطبري. ينظر: «تفسير الطبري» (١/ ٤٥٦) (١/ ٤٥٧)، و«تفسير ابن أبي حاتم» (١/ ٧٥ رقم ٣٠٨)، و«تفسير البغوي» (١/ ٧٨). (^٣) تقدَّم (ص ٥٩). (^٤) روي بنحوه عن وهب بن منبه. ينظر: «تفسير الطبري» (١٢/ ٣٣٤)، و«زاد المسير» (٤/ ٤٧).

1 / 84