شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
Жанры
وإذا تأمل الفاضل غاية ما يذكره المتكلمون والفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود إلى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية بأفصح عبارة وأوجزها، وفي طرق القرآن من تمام البيان والتحقيق، ما لا يوجد عندهم مثله، قال تعالى: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا [الفرقان: ٣٣] .
ولا نقول: لا ينفع الاستدلال بالمقدمات الخفية، والأدلة الطويلة، فإن الخفاء والظهور من الأمور النسبية، فربما ظهر لبعض الناس ما خفي على غيره ويظهر للإنسان الواحد في حال ما خفي عليه في حالٍ أخرى.
وأيضًا فالمقدمات وإن كانت خفية، فقد يسلمها بعض الناس وينازع فيما هو أجلى منها، وقد تفرح النفس بما علمته بالبحث والنظر ما لا تفرح بما علمته من الأمور الظاهرة، ولا شك أن العلم بإثبات الصانع، ووجوب وجوده أمر ضروري فطري، وإن كان يحصل لبعض الناس من الشبه ما يخرجه إلى الطرق النظرية] اهـ.
الشرح:
انتقل المصنف ﵀ إلى شرح قول الإمام أبي جعفر الطحاوي ﵀ تعالى: [قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء] والإمام أبي جعفر الطحاوي ﵀ في هذه العقيدة يريد أن يرد على الطوائف الضالة، ويأتي بكلام مبسط وواضح يعتقده المسلمون ويفهمونه.
ويقول: [قديم بلا ابتداء دائم بلا انتهاء] وهذا من المعاني الضرورية الفطرية عند الناس في حق الله ﷾، إلا أن لفظ (القديم) إطلاقه على الله تعالى خطأ، وسيأتي هذا في آخر كلام المصنف وهو أنه لم يرد في أسماء الله تعالى القديم وورد بدل هذه العبارة في القرآن ما هو أجلى وأعظم وهو قول الله ﵎: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ [الحديد:٣] فهذا الإطلاق هو الأصح بل هو الواجب؛ لأنه هو الذي ورد في كتاب الله ﷾ فهو أبلغ لأنه هو الدرجة العليا في الفصاحة والبلاغة.
1 / 173