شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
شرح العقيدة الطحاوية - سفر الحوالي
Жанры
ويقول ﷾: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:١٠] وهَؤُلاءِ يقولون: نَحْنُ أعلم وأحكم.
وأهل السنة يؤمنون أنه لو أنفق الإِنسَان المسلم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، كما صح ذلك عن النبي ﷺ؛ وهو إنما خاطب به خالد بن الوليد وأمثال خالد، وهو صحابي أيضًا بالنسبة لمن آمن قبل الفتح، فالخطاب في هذا الحديث إنما هو لأولئك الذين أسلموا بعد الفتح، أو ممن كَانَ من المفضولين بالنسبة لفاضلهم ولسابقهم ولمتقدمهم.
فما بالك بالتابعين؟ فكيف بأتباعهم؟! فكيف بمن أتى بعدهم من القرون المتأخرة بعد القرون الثلاثة التي ظهر فيها قول الزور وأصبحوا يتهوكون في البدع، وتتجارى بهم الأهواء، كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه -كما ورد في الحديث عن النبي ﷺ؟!!.
إن المجوس والبوذيين وغيرهم هم في الحقيقة ما قدروا الله حق قدره بعدم تقديرهم رسول الله حق قدره، أو الصحابة حق قدرهم، فالذين يقولون مثلًا في الفقه: إننا أفقه من الصحابة لأن الصحابة كانوا مشغولين بالجهاد ولم يتفرغوا لاستنباط القواعد الفقهية وما عرفوا أصول علم الفقه، فلما أتينا وضعنا قواعد أصولية نستطيع من طريقها معرفة الدليل، فهؤلاء في الحقيقة ما قدروا الصحابة حق قدرهم.
إن الاشتغال بما ورد عن الصحابة رضى الله عنهم وتتبع فقههم وآثارهم تنزل على صاحبها الحكمة بإذن الله ﷾، فأصحاب محمد ﷺ كانت الأمور تأتيهم على الفطرة ويفهمون ما يقوله رسول ﷺ على الفطرة فعرفوه علمًا وجاهدوا عليه عملًا، ودعوا إليه ثم ماتوا وهم ثابتون عليه ﵃ أجمعين.
1 / 107