أهميتها إلا بجمعها وترتيبها على أساس تأريخي، وقد نهض بهذه المهمة اثنان من الباحثين (١). وتظهر الدراستان النطاق الواسع للمادة التأريخية في فتح الباري، وتذلل المراجعة بالفهارس المفصلة، وتكشف عن المكتبة التراثية الهائلة التي استقى منها ابن حجر معلوماته (٢)، وهي كتب حديث وتفسير وفقه وتاريخ ورجال ونسب وأخبار وأدب، وغالبًا ما يحيل على أسماء المؤلفين دون ذكر عناوين كتبهم، ونادرًا ما يحيل على المؤلفين وكتبهم (٣). وقد يقتبس من المصادر اقتباسًا حرفيًا وقد ينقل بالمعنى، وقد يختصر الروايات. وأهميته كبيرة في حل إشكالات النصوص بمحاولة الجمع بينها فإن تعذر فإنه يقوم بالترجيح، وكذلك تتجلى أهميته في حكم ابن حجر على الروايات تصحيحًا وتحسينًا وتضعيفًا، وفي تعقيباته المتنوعة على المصنفين الذين ينقل عن مصنفاتهم.
ولا شك أن بعض المؤلفات التي تسوق روايات ذات طبيعة فقهية تقدم معلومات مهمة عن النظم الإسلامية المالية والإدارية في عصر الخلافة الراشدة ويتقدمها كتاب (الأموال) لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت ٢٢٤ هـ) وهو أهم مصدر يتناول النظام المالي في تاريخ صدر الإسلام، حيث تناول أصناف المال من الغنائم والصفايا والفيء ومعاملة المناطق المفتوحة والمصالحة والعطاء والإقطاع والخمس والزكاة، وقد ذكر أسانيد الروايات.