Энгельс: Очень короткое введение
إنجلز: مقدمة قصيرة جدا
Жанры
كانت دراسة إنجلز لحرب الفلاحين في ألمانيا أول مؤلف ماركسي عن «التاريخ»، وأوضح فيها إنجلز أن الصراعات التي بدت دينية لم تحل جميعها على أساس ديني، وأنه خلف «الغطاء الديني» تكمن «مصالح واحتياجات ومتطلبات» الطبقات المختلفة. وبالمثل، زعم إنجلز أن الثورة الفرنسية التي حدثت عام 1789 كانت أكبر من «مجرد جدال محتدم» حول مزايا الملكية الدستورية مقارنة بالملكية المطلقة، وأن ثورة يوليو 1830 لم يكن سببها فقط «استحالة تحقيق العدالة في ظل «فضل الرب»»، وأن ثورة فبراير 1848 لم تكن ببساطة «محاولة لحل مسألة المفاضلة بين الجمهورية والملكية»؛ فخلف هذه الصراعات السياسية توجد دائما مشكلات اقتصادية لدى الطبقات الاجتماعية (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد العاشر). وصاغ إنجلز بدرجة كبيرة مناهج ومصطلحات التأريخ الماركسي في هذا العمل الرائد.
سرعان ما انتهى التفاؤل الثوري الذي ظهر في كتاب «حرب الفلاحين في ألمانيا» الذي كتبه إنجلز في صيف وخريف عام 1850، وترك إنجلز لندن لأسباب مالية، وعمل موظفا في شركة العائلة في مانشستر؛ وبحلول عام 1851 كانت الهيئات الشيوعية التي كان إنجلز مرتبطا بها في سنوات العمل الثوري قد انهارت، وبعد ذلك لم يكن أمامه وقت كبير للانخراط الرسمي في السياسة بسبب ظروفه المهنية في مانشستر، وقد استمر ذلك حتى مع تأسيس الاتحاد الدولي (الاتحاد الدولي الأول) للعمال عام 1864 للترويج لقضية الاشتراكية؛ وكان ماركس من بين مؤسسي هذا الاتحاد، وقد كرس جزءا كبيرا من وقته لاجتماعات ولجان وبيانات الاتحاد. وانتقل إنجلز بسهولة إلى لعب دور الخبير الأكبر سنا والمستشار الأول، وليس المؤسس أو المنظم في الحركة الاشتراكية الدولية. وبعد تقاعده من مصانع غزل القطن عام 1869، تمكن من شغل منصب في المجلس العام للاتحاد الدولي للعمال عام 1870، وتحمل بعض المهام الخاصة بالمراسلات مع تزايد عدد الأحزاب والمجموعات الاشتراكية حول العالم. كان إنجلز مهتما بطبيعته اهتماما خاصا بالحزب الألماني الاشتراكي الذي تأسس عام 1869، وبعد الانهيار النهائي للاتحاد الدولي للعمال عام 1874 لعب دورا فعالا بصفته مستشارا غير رسمي لمسئولين كبار في قيادة الحزب، وكان انخراطه في الاتحاد الدولي الثاني للعمال الذي تأسس عام 1899، انخراطا عن بعد مثلما كان في السابق، على الرغم من أن إحدى آخر مرات ظهوره الرسمي كانت في مؤتمر الاتحاد في زيوريخ عام 1893.
لا عجب أن إنجلز كان يضمر الكراهية لمدينة مانشستر ولرجال الأعمال الذين كان مضطرا للتعامل معهم، وعندما ترك شركة العائلة عام 1869 انتقل سريعا إلى لندن ليكون بالقرب من ماركس. توفيت ماري بيرنز عام 1863، وحلت أختها ليزي محلها في حياة إنجلز حتى عام 1877 عندما تزوجها إنجلز قبل يوم من وفاتها؛ وبعد ذلك كانت ابنة أخت ليزي هي من تدير منزل إنجلز، وبداية من عام 1883 تبعتها هيلينا ديموت، مديرة منزل ماركس السابقة، وبعد وفاة هيلين عام 1890 أصبحت لويز كاوتسكي، مطلقة الاشتراكي الألماني كارل كاوتسكي، سكرتيرة إنجلز ومديرة منزله، وعندما تزوجت من دكتور لودفيج فريبرجر عام 1894 انضم أحد الأطباء إلى مسكنه الكائن في طريق ريجينت بارك.
كان إنجلز كريما في وقته وماله مثلما كان كريما في نصائحه. إن إحسانه إلى ماركس وأسرته أنقذهم في مرات عديدة من مصائر أشد بلاء من الفقر والشقاء اللذين عاشوا فيهما؛ ففي عام 1870 كان إنجلز قادرا على منحهم قدرا من الاستقلال المادي، في الوقت نفسه الذي كان يوفر فيه لنفسه هذا الاستقلال، واستفاد كثير من المهاجرين والزائرين الاشتراكيين من كرم ضيافته ومساعداته، كما حصل أبناء ماركس وكذلك أحفاده الذين بقوا على قيد الحياة بعد وفاة إنجلز، على جزء من تركته الكبيرة بعد وفاته بسرطان الحنجرة في 5 أغسطس 1895.
شكل 5-1: هيلينا ديموت، خادمة عائلة ماركس ولاحقا مديرة منزل فريدريك إنجلز.
في السنوات الأولى في المنفى، قام إنجلز بمساعدة ماركس أيضا من خلال كتابة المقالات نيابة عنه باللغة الإنجليزية؛ فقد طلب من ماركس أن يكون مراسلا لصحيفة «ذا ديلي تريبيون» في نيويورك، لكنه لم يكن قد أتقن حتى عام 1853 كتابة اللغة الإنجليزية إلى الحد الذي يمكنه من كتابة المقالات بنفسه؛ فعمل إنجلز مؤلفا ومترجما وتلقى ماركس الأجر. لقد ظلت سلسلة مقالات «الثورة والثورة المضادة في ألمانيا» المكتوبة في الفترة ما بين عامي 1851 و1852، والتي أعيد نشرها مرتين عام 1896 (باللغة الإنجليزية وبالترجمة الألمانية)، تنسب إلى ماركس لا إنجلز، إلى أن نشر خطاب بينهما كانا يتحدثان فيه عن هذا الأمر عام 1913. وفي هذا العمل، استعرض إنجلز بالتفصيل الأحداث الثورية التي حدثت في ألمانيا في الفترة ما بين عامي 1848 و1849، وشهدها بنفسه وسجل أحداثها في الصحافة وقت حدوثها، فقط قبل ثلاث سنين أو أقل من تأليف الكتاب. وقام ماركس بمهمة مشابهة في سلسلة مقالاته «النضال الطبقي في فرنسا» (المكتوبة في النصف الأول من عام 1850)، وفي استكمال قصة «انقلاب الثامن عشر من برومير للوي بونابرت» (المكتوبة في أواخر عام 1851 وأوائل عام 1852). أما إنجلز فلم يكمل مطلقا السلسلة التي وعد فيها أن «يلقي نظرة وداع أخيرة على الأعضاء المنتصرين في تحالف الثورة المضادة»، مثلما فعل ماركس في قصة «انقلاب الثامن عشر من برومير للوي بونابرت» التي تتحدث عن فرنسا (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الحادي عشر).
وفي كتاب «الثورة والثورة المضادة في ألمانيا»، اتبع إنجلز البرنامج الماركسي فيما يتعلق بالتاريخ المعاصر والتطورات السياسية في المستقبل، وكانت مهمته هي تفسير الأحداث الرئيسية وتقديم مؤشرات حول الاتجاه الذي سوف تأخذه الفورات الثورية القادمة في ألمانيا، أو التي ربما ليست ببعيدة عنها. ومثلما كان لزاما عدم تفسير النضال الثوري في العصور الوسطى على أساس الخلافات الدينية، بالرغم من ظاهرها الذي يوحي بذلك، كان لزاما أيضا عدم تفسير أسباب اندلاع الثورات الحديثة والقضاء عليها، بغض النظر عن ظاهرها، على أساس عدم تنسيق الجهود أو خيانة بعض قادتها، بل يجب تفسيرها في ضوء الحالة الاجتماعية و«الظروف المعيشية» لكل أمة. وعرض إنجلز الخلفيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأدبية والفلسفية لأحداث التمرد التي حدثت عام 1848 في فيينا وبرلين، وقال إنه بعد الانتصار «انقلبت على الفور ... الطبقة البرجوازية الليبرالية» على حلفائها من الطبقة العاملة - «الأحزاب الشعبية والأكثر تقدما» - وعقدت «تحالفا مع المصالح الإقطاعية والبيروقراطية المهزومة» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الحادي عشر).
وجدت هذه الثورة غير المكتملة خير مثال لها، وفقا لإنجلز، في الجمعية الوطنية الألمانية في فرانكفورت؛ فهذه الجمعية كانت تمارس «نشاطا مزيفا فضوليا لا يمكن أن يثير عقمه الشديد إلى جانب ادعاءاته المزعومة أي شيء سوى الشفقة والسخرية»؛ كل هذه الأحداث كانت معتمدة على مصير الصراعات الثورية في فرنسا؛ أولا في فبراير مع إعلان الجمهورية، ثم في العمل الحاسم في يونيو 1848، وكتب إنجلز: «يمكن خوض الصراع الثوري في فرنسا وحدها، في ظل عدم اشتراك إنجلترا في النضال الثوري، وبقاء ألمانيا مقسمة؛ لأن فرنسا باستقلالها الوطني وحضارتها ومركزيتها هي البلد الوحيد الذي يستطيع نقل زخم الاضطراب الرهيب إلى بقية البلاد المجاورة.» كانت هزيمة الطبقة العاملة في يونيو على يد الطبقات الأخرى التي دعمها الجيش مهمة، ويرى إنجلز أنه كان «واضحا للجميع أنها كانت المعركة الحاسمة الكبيرة، التي في حالة نجاحها كانت ستجر القارة بأسرها إلى ثورات جديدة، أو ستؤدي في حالة إحباطها إلى استعادة الحكم المناهض للثورات، ولو لفترة قصيرة» (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الحادي عشر).
في تحليل إنجلز كانت مهمة الثوريين الألمان في منتصف القرن التاسع عشر مروعة ومتأثرة إلى حد كبير بالأحداث التي وقعت في دول أكثر تقدما هي إنجلترا وفرنسا، وفي تشخيصه للوضع الألماني عام 1850 كشف أن ذلك الوضع يشبه على نحو مخيب للآمال الوضع عام 1525، الذي كان مأساة جديدة آنذاك؛ قال في هذا الشأن:
إن العرض القصير السابق للطبقات الأكثر أهمية، التي كونت بإجمالها الأمة الألمانية عند اندلاع الحركات الثورية الأخيرة، سيكون كافيا بالفعل لتفسير جزء كبير من عدم الترابط وعدم التوافق والتعارض الواضح الذي ساد تلك الحركة؛ فعند حدوث تصادم عنيف بين المصالح الشديدة الاختلاف والتصارع والتعارض، وعندما تختلط تلك المصالح المتنافسة في كل حي وكل مقاطعة، بنسب مختلفة، وفوق كل ذلك عندما لا يوجد مركز كبير للبلد، مثل لندن أو باريس، يمكن لقراراته، بموجب ثقلها، أن تحول دون الحاجة إلى خوض الصراع نفسه مرارا وتكرارا في كل مكان؛ فما الذي يمكن توقعه سوى أن يتحلل الصراع من تلقاء نفسه إلى كتلة من الصراعات غير المترابطة، التي يهدر فيها قدر هائل من الدماء والطاقة ورأس المال، دون أن تتحقق نتائج حاسمة في المقابل؟ (الأعمال المجمعة لماركس وإنجلز، المجلد الحادي عشر).
Неизвестная страница