مِنَ الآياتِ الدَّالّةِ على إعجازِ اللهِ في خَلْقِهِ؛ أنّ اللهَ ﷾ خَلَقَ قلبَ الإنسانِ، وجعَلَه متبدِّلَ الاستطاعةِ، مع أنّ هذا حتى الآنَ لم يكنْ، ولن يكونَ في القريبِ العاجلِ في المُحَرِّكاتِ التي يصنعُها الإنسانُ، فالمحرِّكُ له استطاعةٌ، لكنْ يُتَحَايَلُ على استطاعتِه بعلبةِ التروس - كما يقولون - لكنّ المحركَ له استطاعةٌ واحدةٌ، أمّا هذا القلبُ البشريُّ فتتبدَّلُ استطاعتُه بحسبِ الظروفِ، فبينما ينبضُ من ستينَ إلى ثمانينَ نبضةً في الدقيقةِ، وهذا هو الحَدُّ الأدنى الثابتُ، إذا به حينما يواجه ظروفًا صعبةً، صعودَ جبالٍ، أو صعودَ دَرَجٍ، أو حينما يواجهُ مشكلةً نفسيَّةً، أو حينما يخافُ ترتفعُ نبضاتُه إلى مئةٍ وثمانينَ نبضةً.
العينُ؛ ترى كلَّ شيءٍ بوضوحٍ تامٍّ بعدَ ستّةِ أمتارٍ، أما قبلَ الستةِ أمتار فلا بدَّ مِن عمليةٍ في غايةِ الإعجازِ، هي عمليةُ المُطابقةِ، فإذا أردتَ أنْ تنظرَ إلى كرةٍ فكأنّ ثمة جهةً ثالثةً تقيسُ المسافةَ بين العينِ والكرةِ، وتضغظُ على الجسمِ البلورِيِّ ضغطًا بمعشارِ الميكرونِ، حيثُ يبقى خيالُ هذا الجسمِ على شبكيةِ العينِ، وهذه المطابقةُ حتى هذه الساعةِ تفسيراتُها غير مُقْنِعَةٍ، إنّها عنايةُ اللهِ ﷿، بإمكانِك أنْ ترى طريقًا مزدحمًا بالمارّةِ، كلَّما نظرتَ إلى إنسانٍ تبدَّلَ اِحْديدابُ العدسةِ تبدلًا، حيثُ يُجعلُ خيالُه على المحرقِ - أي على الشبكيَّةِ - وهذا لا يتمُّ إلا بعضلاتٍ هدبيةٍ بالغةِ الدقَّة، تضغطُ على الجسمِ البلورِيِّ فتزيدُ احديدابَه، أو تخفِّفُ منه، بحسبِ بُعْدِ الجسمِ عن العَيْنِ، وهذه هي المطابقةُ.