بوسعك أن تكون شخصا لا يقهر، إذا أنت أحجمت تماما عن الدخول في صراع ليس في قدرتك الفوز فيه. فاحذر إذا رأيت امرءا يتسنم مكانا رفيعا أو يتقلد سلطة عظيمة أو يحوز مجدا، أن تخلبك المظاهر فتحسبه سعيدا. فإذا كان جوهر الخير يكمن فيما هو في قدرتنا، فلن يكون ثمة مكان للحسد أو الغيرة. فلا تطمح من جانبك إلى أن تكون حاكما أو رئيسا أو قنصلا، بل أن تكون رجلا حرا. وليس ثمة غير طريق واحد إلى الحرية: أن تضرب صفحا عما ليس في قدرتك.
16 (20) ثورة الغضب
تذكر أن من شتمك أو ضربك لم يهنك، وإنما الذي أهانك هو حكمك بأن هذه الأشياء إهانة. فاعلم إذن كلما أغضبك أحد أن فكرتك ذاتها هي ما أغضبك؛ لذا حاول جهدك في المقام الأول ألا تجرفك المظاهر؛ فبمجرد أن تمنح نفسك مهلة وتتريث في الأمر سيكون أيسر عليك أن تتمالك نفسك. (21) فكر في الموت
ضع نصب عينيك، في كل حين، الموت والمنفى وكل ما يبدو مرعبا، ولكن اجعل الموت أولها جميعا. عندئذ لن تفكر أبدا في أي شيء دنيء، ولن تتوق إلى أي شيء توقا زائدا عن الحد. (22) الاستهزاء بالفلسفة
إذا كانت لديك رغبة مخلصة في اكتساب الفلسفة، فلتعد نفسك منذ البداية لتلقي ما لا يحصى من استهزاء الآخرين وسخريتهم، وقولهم: «ها قد عاد إلينا فيلسوفا دفعة واحدة.» وقولهم: «من أين أتى بهذا الخد المصعر؟» أما من جهتك فلا تصعر خدك حقا، وتمسك بتلك الأشياء التي تراها الأفضل، تمسك بذلك المكان الذي قيضك الله له. واعلم أن ثباتك على تلك الحال سوف يجعل من كان يسخر منك بالأمس يعجب بك. أما إذا انخذلت أمامهم فستكون قد جلبت على نفسك ضعفين من السخرية.
17 (23) محصن بالفلسفة
إذا تصادف لك أن التفت إلى الأشياء الخارجية لكي ترضي شخصا ما فثق أنك قد ضللت السبيل. فاقنع إذن، في كل شيء، بكونك فيلسوفا. وإذا أردت أن تبدو أيضا لأي شخص كفيلسوف، فلتبد فيلسوفا لنفسك، وسوف يكفيك هذا. (24) مواطن مخلص ... عون وثروة
لا تدع مثل هذه الأفكار تنغص عيشك: «سوف أقضي العمر خامل الذكر نكرة.» إذا كان خمول الذكر شرا فاعلم أنه ليس بالإمكان أن يلحق بك أحد خمول ذكر أكثر مما يلحقه بك ذلك الذي يورطك في عمل شائن. هل هو شأنك أن تحوز منصبا أو تدعى إلى وليمة؟ كلا. إذن، كيف يمكن أن يكون ذلك خمولا للذكر؟ إن مهمتك أن تكون ذا شأن في تلك الأمور التي هي في قدرتك فحسب، والتي بوسعك فيها أن تبلغ أعظم شأن.
18
لعلك تقول: «ولكني لن أكون قادرا على أن أقدم العون لأصدقائي.»
Неизвестная страница