وقول الشيخ الأمين –﵀ في هذه المسألة شبيه بقول الشافعي وأصحابه، حيث إنه لا يكفر الساحر إلا أن يكون في سحره شرك بالله، فإن كان يتم بدون الإشراك بالله فهو لا يصل إلى الكفر، ولكنه محرم تحريمًا شديدًا، فيقول ﵀ موضحًا هذا المعنى:
"والتحقيق في هذه المسألة هو التفصيل، فإن كان السحر مما يعظم فيه غير الله كالكواكب والجن وغير ذلك مما يؤدي إلى الكفر، فهو كفر بلا نزاع. ومن هذا النوع سحر هاروت وماروت المذكور في سورة البقرة؛ فإنه كفر بلا نزاع، كما دل عليه قوله تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ ١وقوله تعالى: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ﴾ ٢، وقوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ﴾ ٣، وقوله تعالى: ﴿وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ ٤.... وإن كان السحر لا يقتضي الكفر؛ كالاستعانة بخواص بعض الأشياء من دهانات وغيرها: فهو حرام حرمة شديدة، ولكنه لا يبلغ بصاحبه الكفر"٥.
والشيخ الأمين –﵀ ربط حكم السحر بما يتصل به من أسباب؛ فإن كانت أسبابه كفرًا، وكان لا يتم إلا بالتقرب إلى الشياطين والكواكب: فهو من أنواع السحر التي يكفر متعاطيها، وإن كانت أسبابه غير مكفرة؛ بمعنى أن الساحر لا يعظم أحدًا سوى الله، ولا يدّعي أنه يعلم الغيب، ولا يصرف شيئًا من العبادة لغير الله: فهذا ليس كفرًا وإن اشتمل على التخييل والكذب والخداع والغش، بل هو عمل محرم من كبائر الذنوب.
١ سورة البقرة، الآية [١٠٢] .
٢ سورة البقرة، الآية [١٠٢] .
٣ سورة البقرة، الآية [١٠٢] .
٤ سورة طه، الآية [٦٩] .
٥ أضواء البيان ٤/٤٥٦.