20
لا معنى إذا للقول بمراكز للسلطة، إن السلطة ليست متاعا يكتسب. إنها ليست «شيئا» يحصل عليه وينتزع أو يقتسم، شيئا نحتكره أو ندعه يفلت من أيدينا. السلطة استراتيجية تمارس، وهي تمارس انطلاقا من نقاط لا حصر لها، وفي خضم علائق متحركة لا متكافئة «إنها كالفأر لا ترى بوضوح إلا في متاهات الممرات الأرضية وداخل جحورها متعددة المنافذ ... إنها تمارس نفسها كسلطة، انطلاقا من نقاط لا حصر لها ... تمارس نفسها في خفاء.»
21
من نفس المنطلق رأى فوكو أن هناك علاقة وثيقة بين أنظمة المعرفة (الخطابات) ونوع الممارسات التي تحقق السيطرة والهيمنة الاجتماعية داخل سياقات محددة متعينة كالسجون ودور العبادة، والمستشفيات، والجامعات، والمدارس، وعيادات الطب النفسي، فكلها أمثلة على المواقع التي تمارس فيها كل أشكال القمع والقهر. وكل موقع من هذه المواقع له استراتيجية للقمع تختلف عن الموقع الآخر؛ لذا فإن تفاصيل ما يحدث في كل موقع لا يمكن فهمها بمجرد الإحالة على نظرية تعميمية كبرى. والموقع الوحيد الذي لا يمكن محوه، بحسب فوكو، هو الجسد البشري، فعليه تسجل وإلى الحد الأقصى كل أشكال القمع. ويذهب فوكو إلى أنه «لا يمكن أن تقوم علاقات سلطة بدون مقاومات.»
22
وبؤر المقاومة عند فوكو، كما هي عند دولوز أيضا، تتمثل في جماعات المهمشين، والجماعات الإثنية، والملونين، وحتى الشواذ جنسيا، هذه الجماعات تحدث خرقا في النظام، وفي القواعد؛ لأن القوى المسيطرة تسقطها دائما من حساباتها.
23
وقد عبر الفيلسوف الألماني هربرت ماركيوز
H. Marcuse
عن هذا المعنى من قبل في كتابه «الإنسان ذو البعد الواحد»
Неизвестная страница