لا ولا اعتضت غيره ... بل له الود كله
وله:
يا لدمعٍ أعلن الس ... ر وقد كان مصونا
باح بالوجد فأبدى ... للورى داءً دفينا
ما كذا تصلح عيني ... قيح الله العيونا
جلبت حتفي ونمت ... فأحقت بي الظنونا
وغدا ما كان شكًا ... عند أقوامٍ يقينا
٦٧- أبو حفص عمر بن خلف بن مكي
[فقيه، محدث خطيب، لغوي، وفضله بالألسنة في جميع الأمكنة مأثور مروي] . صنف في اللغة كتابًا سماه "تثقيف اللسان وتلقيح الجنان" في نهاية الملاحة والبيان، يدل على وفور حظه من هذا الشأن.
رحل إلى تونس، من بر العدوة، فاستوطنها وولى قضاءها [وخطابتها]، وكان يجيد الخطب، يخطب في كل جمعة بخطبة من إنشائه، تفوق خطب ابن نباته [تعجب رواته]، وله شعر يروق، منه ما قاله في القناعة:
يا حريصًا قطع الأيام في ... بؤس عيش وعناءٍ وتعب
ليس يعدوك من الرزق الذي ... قسم الله فأجمل في الطلب
وقال:
أتطمع في ود امرئ وهو قاطع ... لأرحامه هيهات قد فاتك الرشد
إذا لم يكن في المرء خير لوالدٍ ... ولا ولد لم يرجه أحد بعد
وقوله:
نعماكم طردتنا عن زيارتكم ... وقنعتنا حياءً آخر الأبد
إن الزيادة في الإحسان طاردة ... للحر عن موضع الإحسان فاقتصد
وقوله:
لا تبادر بالرأي من قبل أن تس ... أل عنه وإن رأيت عوارا
أحمق الناس من أشار على النا ... س برأي من قبل أن يستشارا
وقوله:
لا تصحبن إذا صحبت أخا ... جهلٍ ولو أن الحياة معه
إن الجهول يضر صاحبه ... من حيث يحسب أنه نفعه
وقوله:
صديقي الذي في كل يوم وليلة ... يكلفني من أمره ما له بال
ولا يؤثر التخفيف عني فإنما ... علامة صدق الود عندي إدلال
وقوله من قطعة:
عاد الجهول فإنه ... ممن يعينك في هلاكة
واحذر معاداة اللبيب ... ب فليس يخلص من شباكة
وقوله:
اجعل صديقك نفسك ... وجوف بيتك حلسك
واقنع بخبزٍ وملح ... واجعل كتابك أنسك
واقطع رجاءك إلا ... ممن يصرف نفسك
تعش سليمًا كريما ... حتى توافي رمسك
وقوله:
وإذا الفتى بعد طو ... ل خصاصةٍ بلغ الأمل
فكأن بؤسي لم تكن ... وكأن نعمى لم تزل
وقوله في مدح الانفراد:
من كان منفردًا في ذا الزمان فقد ... نجا من الذل والأحزان والقلق
تزويجنا كركوب البحر، ثم إذا ... صرنا إلى ولدٍ صرنا إلى الغرق
وقوله في الشيب: أيروم من نزل المشيب برأسه=ما قد تعود قبله من فعله
من لم يميز نقصه في جسمه ... في الأربعين فإنه في عقله
وقوله:
عجبًا للموت ينسى ... وهو ما لابد منه
قل لمن يغفل عنه ... وهو لا يغفل عنه
كيف تنساه وقد جا ... ءتك رسل من لدنه
سوق تلقى الويل إن جئ ... ت بعذرٍ لم تبنه
وترى جسمك في النا ... ر غدًا إن لم تصنه
والذي ينجو من النا ... ر أخو التقوى، فكنه
٦٨- القاضي أبو حفص عمر بن أبي الطيب
[.......] بالقيروان، من قصيدة أولها:
ليمونةٍ جاءت بعرف القرنفل ...
يقول فيها:
وقلت لها لما رأيت اصفرارها ... أبيني لنا من شأنك المتضلل
فقالت ولم تنطق ولكن سقمها ... أتى بجوابٍ يكشف الأمر فيصل
عراني فراقٌ من غصونٍ منيفةٍ ... فغربني عن فيئها المتظلل
فأصبحت في حزنٍ وساورني الضنى ... كما أنت في حزنٍ من البين مثكل
فأعجبت منها بالجواب بديهةً ... وإيضاحها عن غربتي وترحلي
وقلت لها إني بك اليوم باعثٌ ... إلى من له محضا ثنائي ومقولي
٦٩- أبو حفص عمر بن عبد الله الكاتب
له:
أرقٌ أراق مصون دمعي كاربه ... وهوىً هوى بجميل صبري غالبه
ومنها:
نازعته بعد الجماح عنانه ... والليل أليل ترجحن غياهبه
فقضيت بالتمويه منه لبانةً ... وجعلت إعتابي بحيث أعاتبه
وتشاكل الحالين أشكل أمره ... لما استوى صدق العناق وكاذبه
وله:
ألا أن قلبي بالغرام موكلٌ ... ومذ غبت عن عيني فقدت هجوعي
1 / 21