بذلك شيوخه زاهدًا لم يتعاط قط أسباب الدنيا له معرفة بالنحو وباللغة والفقه والأصول والمنطق والبيان وعلم الكلام وغير ذلك وأما التفسير والحديث والتصوف المؤيد بالكتاب والسنة فلايجارى في ذلك أصلًا يستحضر جميع ذلك بلاتأمل تصحح من فيه نسخ البخاري ومسلم يستحضر حل مسائل مشارق عياض على الصحيحين والموطأويستحضر معارضات الآيات ومعارضات الأحاديث وأجوبتها وماقيل فيها من صحيح وسقيم ومأخذ المتصوفة من الكتاب والسنة له حاشية مقيدة على الكتاب المبارك المتداول بأيدي العامة والخاصة المسمى بدلائل الخيرات وله حاشية عجيبة على صحيح البخاري وله حاشية عجيبة على تفسير الجلالين وحاشية على العقيدة الصغرى للسنوسي وله تعليق عجيب على الحزب الكبير للشاذلي ﵁ وله تقاييد كثيرة في التفسير والحديث والتوحيد وغير ذلك توفي ﵀ آخر ليلة الأربعاء السابع والعشرين من ربيع النبوي من عام ستة وثلاثين وألف وإلى سنة وفاته رمز صاحبنا الأديب الشهير سيدي محمد المكلاتي ﵀ بالشين واللام والواو من قوله
أبو زيد الفاسي شلو معظم
رثاه حديث المصطفى خير مرسل
﵀ ونفع به (تنبيهان) الأول اعلم أن بين الواجبات الثلاث وهي الصدق والأمانة والتبليغ عمومًا وخصوصًا من وجه فلايمكن الاستغناء ببعضها عن بعض لأن كل واحد يزيد على صاحبه بزيادة لاتفهم إلا منه فأما الواجب الأول وهو الصدق فيزيد على الأمانة بمنع الكذب سهوًا بمعنى أن هذه النقيصة إنما يفهم امتناعها في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام من وجوب الصدق لعمومه في كل قول ولايفهم امتناعه من الأمانة لأنها تمنع من وقوع المعصية أوالمكروه وأما الكذب سهوًا فليس بحرام ولامكروه فلا منافاة بينه وبين الأمانة ويزيد الصدق أيضًا على التبليغ بمنع الزيادة على ماأمروا بتبليغه عمدًا أونسيانًا فلايفهم امتناع هذه النقيصة من التبليغ لأنها وقعت بعد التبليغ العام فلا تنافيه وإنما تفهم من الصدق لأن هذه الزيادة كذب ووجوب الصدق العام ينفعه وأما الواجب الثاني وهو الأمانة فتزيد على الصدق بمنع المعصية أوالمكروه في غير كذب اللسان كالغيبة مثلًا والنظر العمد للأجنبية في غير ضرورة فيفهم امتناع هذه النقيصة من وجوب الأمانة لمنافاتها لها لا من وجوب الصدق لأنها ليست بكذب
1 / 63