كعدم التبليغ للتشبيه في إفادة الحكم وهو الاستحالة ويحتمل أن يريد بالمنهي عنه جميع المعاصي كتمانًا أو غيره فالكاف للتمثيل والأول أظهر والله تعالى أعلم وعدم التبليغ هو كتمان شيء مما أمروا بتبليغه للخلق وأنه يجوز في حقهم عليهم الصلاة والسلام الأعراض البشرية التي لاتنافي علو رتبتهم كالمرض والفقر من الأعراض الدنيوية مع الغنى عنها بالله تعالى وكالأكل والشرب والنكاح والنسيان بعد التبليغ أو فيما لم يؤمروا بتبليغه والنوم إلا أنه تنام أعينهم ولاتنام قلوبهم فاحترزوا بالأعراض وهي الصفات الحادثة المتجددة من الصفات القديمة التي هي صفات الإله تعالى فلا يصح أن يتصف بهاغيره وقد كفرت النصارى بمخالفتهم هذا القيد وإفراطهم في حق عيسى ﵊ فجعلوا صفة العلم القديم قائمًا بجسم عيسى وجعلوه لذلك إلهًا على خبط لهم وتخليط عظيم لايفوه به عاقل واحترزوا بقيد البشرية كالأكل والشرب والمرض ونحوها عن صفات الملائكة ﵈ وهي غناهم عن هذه الأعراض التي وضعها الله في البشر فلا يشترط ذلك في الرسل عليهم الصلاة والسلام لعدم توقف الرسالة عليها وقد كفرت الجاهلية بمخالفتهم هذا القيد وإفراطهم فزعموا أن هذه الصفات البشرية ناقصةً لاتليق برتبة الرسالة وإنما يليق بها صفات الملائكة فكفروا وكذبوا بسبب ذلك الرسل وقالوا ماأخبر الله به عنهم (أبشر يهدوننا). (إن أنتم إلا بشر مثلنا). (مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) ولو كشفت الحجاب عن قلوبهم لعلموا أن وقوع هذه الأعراض البشرية بالرسل عليهم الصلاة والسلام كمالات لهم في أنفسهم وتكميلات متكاثرة لأممهم بحيث يغتبطها الملائكة الكرام ويتمنون وجود مثلها لهم لما فيها من الآداب الرفيعة والعبادات الدقيقة وأسقط الناظم هذا القيد للعلم بأنه المراد في هذا المحل والله أعلم واحترزوا بقولهم التي لاتنافي علو رتبتهم عن الغفلة عن جنابهم الرفيع والتفريط بسبب مشاهدة ظواهرهم البشرية في مراعاة قدرهم العلي وقد ضلت اليهود لعنهم الله فأساؤا الأدب ووصفوا أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام بمساوٍ لايليق أن يوصف بها من هو أدنى منهم في غاية وبهذا يعلم أن كل ماأوهم في حقهم وفي حق الملائكة نقصًا من الكتاب والسنة وجب تأويله انظر لآخر شرح صغرى الصغرى فقد أطال في المسألة جدًا قلت وفي تمثيلهم للأعراض التي لانقص فيها بالمرض إجمال فقد سئل شيخنا
1 / 61