وثانيهما: إظهار الاهتمام بهذه المسألة وتعظيم شأنها، وإنزالها من القلوب بمنزلة رفيعة، إذ هذا الفن أجل الفنون، فكما(1) أدخل فيه وألحق به انسحب عليه حكمه، والعذر الأول لا تعويل عليه ولا التفات إليه، ويستنكر من أن يلحق بعلم الكلام كل مسألة قطعية من الفروع وأصولها وغيرها.
وأما العذر الثاني: فعذر حسن، وأحسن منه أن الإمامة لما كانت خالفة النبوة، وقائمة مقامها، وبدلا منها، حتى قضت الحكمة برفعها، وكانت النبوة من فن الكلام، وباب من أبواب كتاب العدل منه، ذكرت في الفن الذي تذكر النبوة فيه، لكنه لما لم يكن لها تعلق بباب العدل ولا غيره من أبواب فن الكلام أخرت وذكرت بعد فراغ ذلك الكلام على أبواب ذلك الفن، وحذي بذكرها فيه حذو ذكرها في فن الفقه حيث يذكر في آخره، والله سبحانه وتعالى أعلم.
القول في حقيقة الإمامة وبيان ماهيتها
أما لغة: فقيل: ض (عبد الله الدواري) (2) : الإمام المتقدم على غيره في أمر من الأمور على حد يقتدى به فيه، ومنه إمام الصلاة سواء كان مستحقا لذلك أو غير مستحق، في هدي أو ضلال، وعلى الأول قوله تعالى: ?واجعلنا للمتقين إماما?[الفرقان:74]، وعلى الثاني: ?وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار? [القصص:41]، وقيل: المقتدى به في خير أو شر، ويجمع ذلك قوله تعالى: ?يوم ندعو كل أناس بإمامهم? [الإسراء:71].
والتحقيق أن الإمام لغة مأخوذ من (أمهم)، و(أم بهم) إذا تقدمهم، وأنه أيضا الذي يقتدى به، ذكر المعنى الأول في (القاموس) والآخر في (الصحاح)، ولا يزاد على هذا.
Страница 67