الخلاف ما قدمته أولا عن محققي أهل السنة من التفصيل.
وناداهم ب (يا) إشارة إلى تنزيل القريب الغافل منهم منزلة البعيد، وأما قول العبد: (يا الله) مع أنه أقرب إليه من حبل الوريد.. فهو لاستصغاره نفسه، استبعادا لها عن مظان القرب؛ لما سبق من التفريط في جنب الله تعالى.
و(أي) وصلة لنداء ما فيه (أل)، والاسم التابع له صفة دائما؛ لأن (أيا) لا يستقل بنفسه، وفيه تدريج من الإبهام إلى التوضيح لضرب من التأكيد، ولأنه أوقع في النفس.
وفصل بينهما ب (ها) التي للتنبيه؛ معاضدة لحرف النداء، وتأكيدا لمعناه، وعوضا عما تستحقه (أي) من الإضافة، ولاستقلال هذه الصيغة بأوجه من التوكيد كما تقرر كثرت في القرآن؛ لأن كل ما نادى الله ﷾ به عباده من نحو أمر أو نهي أو وعد أو وعيد.. أمور عظام، وخطوب جسام، ويبعد الميل والتفطن إليها مع غفلتهم عنها، فاقتضى الحال نداءهم على الوجه الأبلغ، ليحملهم على الانقياد لما قصد منهم.
واعلم: أن للأصوليين في دخوله ﷺ في نحو هذه الصيغة أقوالا:
عدمه مطلقا، وهو شاذ.
ودخوله مطلقا، وهو الأصح.
[بلاغة قوله تعالى يا أَيُّهَا]
والدخول إلا فيما صدّر بأمره بالتبليغ نحو قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ، وتوقف بعضهم في دخوله هنا من حيث إن قرينة سياق: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إلى هنا ظاهرة في اختصاص هذا الحكم بالمؤمنين دونه، وفيه نظر؛ لأن ما قبل هذه الآية صريح في اختصاصه بالمؤمنين، وأما هي.. فلا قرينة فيها على الاختصاص، مع صحة تناول الأمر له ﷺ، لما يأتي أنه كغيره في وجوب الصلاة عليه ﷺ في الصلاة.
1 / 64