الأنبياء أفضل منهم مطلقا، وعوامّنا وهم الصلحاء كأبي بكر وعمر ﵄ أفضل من عوامهم، وخواصّهم كجبريل أفضل من عوامّنا.
نعم؛ تبع الحليميّ على عدم إرساله إليهم جمع، منهم الفخر الرازي، بل نقل الإجماع على ذلك، وتبعه النّسفي، وليس كما زعما؛ إذ لا إجماع في ذلك، على أن عبارة الفخر: (أجمعنا)، وهي تقال لإجماع الخصمين، فليس في كلامه تصريح بإجماع الأمة «١»، ومن ثمّ اختار المحققون أنه مرسل إليهم؛ ويدل له خبر مسلم: «وأرسلت إلى الخلق كافة» «٢» بل أخذ منه البارزي أنه مرسل حتى إلى الجمادات والحيوانات بأن ركّب فيها إدراك حتى آمنت به ﷺ؛ إعلانا بعظيم شرفه، ومزيد خصوصيته.
[الأنبياء أفضل من الملائكة والأدلة على ذلك]
قال الفخر الرازي: (وقع الإجماع على أن أفضل النوع الإنساني نبيّنا محمد ﷺ؛ لقوله ﷺ «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» «٣»، واستثنوه من الخلاف في التفضيل بين الملك والبشر، والبشر أفضل من الجن اتفاقا) اهـ
وما ذكره من استثنائه ينازعه فيه كلام الزمخشري؛ فإنه من المعتزلة وهو قائل بأفضلية الملك عليه.
ووجه الدليل في الخبر الذي ذكره: أنه إذا فضل جميع أولاد آدم، ومنهم من هو أفضل من آدم اتفاقا.. فأولى أن يفضل آدم، ويدل له أيضا: «آدم فمن دونه تحت لوائي» «٤» .
_________
(١) في هامش (ج): (قوله: «وهي تقال لإجماع الخصمين» يعني: كلمة «أجمعنا» تقال، ويعبر بها إذا اتفق الخصمان من بعض الأمة، وكلمة «أجمعوا» أو «إجماع» إذا اتفقت أمته ﷺ، ومراد الفخر: أن الخصمين المتقاولين اتفقا، لا أن الأمة جميعها اتفقت؛ لأن الفخر لما اتفق مع الحليمي على هذا القول.. قال: أجمعنا) .
(٢) صحيح مسلم (٥٢٣) .
(٣) أخرجه الحاكم (٢/ ٦٠٥)، وابن حبان (٦٢٤٢)، وابن ماجه (٤٣٠٨) .
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢٨١) .
1 / 59