وأرجو أن أكون أنا هو ذلك العبد، فمن سأل لي الوسيلة.. حلّت له شفاعتي يوم القيامة» «١» .
ثم رأيت ما سأذكره قريبا عن الغزالي، وناهيك به نفاسة وتحقيقا، وهو صريح فيما ذكرته، فتأمل آخره.. يظهر لك الصواب في ذلك.
ويؤيّده أيضا قول بعضهم: الصلاة عليه ﷺ من العبد دعاء، ودعاء العبد إما بقضاء الله تعالى لحوائجه، أو بأن يثني على حبيبه، ويزيد في تشريفه وإشهار ذكره ورفعته، ولا شك أن الله تعالى يحب ذلك، وكذا رسوله، فالمصلّي عليه قد صرف سؤاله ورغبته إلى طلب محابّ الله تعالى ورسوله، وآثر ذلك على طلب حوائجه، فقد آثر الله ومحابّه على ما سواه، والجزاء من جنس العمل.
قيل: ولم يتركه ﷺ ربّه ﷾ تحت منّة أمّته حتى عوّضهم منه بأمره بالصلاة عليهم بقوله جلّ وعلا: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ.
تنبيه:
سئل ابن سيرين عن الدعاء بالمغفرة للميت الصغير- مع أنه لا ذنب له- فأجاب بأنه ﷺ غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وأمرنا بالصلاة عليه، وكأنه يشير إلى أن الدعاء بالمغفرة لا يستلزم وجود ذنب، بل قد يكون لزيادة درجات القرب «٢»، كما يشير إليه استغفاره ﷺ في اليوم والليلة مئة مرّة، فاندفع قول بعضهم: يحتمل أن المراد بطلبها للطفل في قولهم في دعاء صلاة الجنازة: (اللهم اغفر لصغيرنا وكبيرنا) ..
_________
(١) أخرجه مسلم (٣٨٤)، وابن حبان (١٦٩٠)، وأبو داود (٥٢٣)، والترمذي (٣٦١٤) والنسائي (٢/ ٢٥) .
(٢) اعتمد هذا المؤلف رحمه الله تعالى في «التحفة» (٣/ ١٣٧) حيث قال: (والطفل في ذلك- أي: في وجوب الدعاء له- كغيره؛ لأنه وإن قطع له بالجنة تزيد مرتبته فيها بالدعاء له، كالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم) .
1 / 49