والكلّ يستقون من سنّة المصطفى، ويروون في فضلها أحاديث من لا ينطق عن الهوى ﷺ، وآثار سلفنا الصالحين أولي القرون الخيّرة.
وكان ممن أدلى بدلوه في هذا الشّان، وألّف في فضلها وفوائدها علّامة عصره، وفقيه مصره، ومحدث قطره، الشيخ أحمد بن حجر الهيتمي، صاحب التاليف النافعة، والمباحث الهامّة، المبرز في علمي الرواية والدّراية، فكان كتابه واسطة العقد بين المؤلفات، لما حوى من عيون الفوائد وغرر التنبيهات، وهو وإن كان خميص المباني فإنه بطين المعاني، جمع بين التحقيق وحسن السبك، وتطابق الاسم والمسمّى، فكان درّا منضودا، وأسلوبا متميزا، وسفرا حافلا بكلّ معنى بديع، ولا غرو فمحبّره من فحول المؤلفين، والأساتذة المتفقهين.
(ج)
ولا مراء أنّ نشر هذا الكتاب وأترابه في هذا العصر المتخم بالملاهي والمغريات، من أهم المطلوبات، فقد أصبحت الأرواح مثقلة بالنزوع إلى الملذّات والشّهوات، والأنفس موثقة بأغلال العصيان، والقلوب نافرة عن طاعة الدّيان، فكان الناس بحاجة إلى التذكير بفضل الصّلاة والسّلام على البشير النذير، فإنها دواء القلوب القاسية، وصقل للأرواح النّائية عن رياض الذّكر.
(د)
ولما كان لهذا الكتاب المبارك خصائصه وصداه في عالم المعرفة.. احتضنته دار المنهاج خدمة للإسلام وأهله، وأعادت طباعته في ثوب قشيب، وتحقيق مفيد، معتمدة في ذلك على أصول صحيحة، ونسخ عديدة؛ ليخرج الكتاب مبرّأ من وصمة التصحيف، وعيب التحريف، ويعانق حسن المظهر جمال المحتوى، إضافة إلى تعليقات نافعة، وإيضاحات يتطلبها السّياق في بعض المواطن.
والله وليّ التّوفيق
الناشر
1 / 6