Duroos Sheikh Omar Al-Ashqar
دروس الشيخ عمر الأشقر
Жанры
سبب إنكار الكافر للبعث
إن الكفار والفجار والمجرمين لا يريدون أن يستقيموا على هذا المنهج؛ لأنهم يرون أن في هذا المنهج تقييدًا لفكرهم وأعمالهم، ويرون في ذلك ضياعًا للمتع والشهوات التي يظنون أن فيها خيرًا لهم وسعادة؛ ولذلك هم يكفرون بهذا اليوم.
أما الذين بعث فيهم الرسول ﷺ فقد كانوا يستبعدون هذا اليوم لقضية أشكلت عليهم، وهذه القضية لا تزال تراود كثيرًا من الناس، كيف يعود الإنسان حيًا سميعًا بصيرًا متحركًا بعد أن وضع في التراب، وبعد أن تقطعت أجزاؤه، وأصبح لحمه رمادًا، وبعد أن تبلى عظامه؟ فكيف يبعث مرة أخرى؟ هذه قضية أشكلت على عقول الناس، وقد ناقشها القرآن كثيرًا، فإن كثيرًا من الناس لا يؤمن بالبعث والنشور، كثير من الناس يؤمنون بوجود الله أي: يصدقون بوجوده، وأنه خالق الكون وخالق الإنسان، ولكنهم لا يصدقون بالبعث بعد الموت، فما السر في ذلك؟ يقولون: كيف يبعث الإنسان بعد أن بلي، قال الله: ﴿أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [السجدة:١٠]، وتقول العرب: ضل الملح في الطعام إذا غاب فيه، أي: فني فيه، والمعنى: إذا غبنا في الأرض، وأصبحنا جزءًا منها، وبليت عظامنا ولحومنا، وتحولنا إلى تراب؛ أبعد ذلك يكون هناك خلق جديد؟ قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ [يس:٧٨].
جاء أحد كفار مكة بعظم بالٍ متفتت وسحقه في يده ثم نفخه في وجه الرسول ﷺ وقال: يا محمد! أتزعم أن الله يحيي العظام بعد أن أصبحت رميمًا؟ فقال: (نعم، يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك النار)، وأنزل الله قوله جل وعلا: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ [يس:٧٨ - ٨٠].
وهذه الشبهة تحتاج إلى بيان وإيضاح، ونحن بحاجة إلى أن نتبينها كي نستطيع أن نرد على الذين ارتابت قلوبهم وتشككوا في البعث نتيجة لهذه الشبهة.
12 / 3