54

Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim

دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم

Жанры

من أسباب قسوة القلب ومرضه: الإعراض عن القرآن
لقد اهتم الرسول ﵊ في كثير من الأحاديث بأمر القلب، فقد كان يكثر الدعاء بصلاح القلب، فكان من دعائه ﷺ قوله: (اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلبي) قوله: (ربيع قلبي) يعني: المطر الذي يحيي قلبي؛ فإن القرآن فيه حياة القلوب، وقراءة القرآن وحفظه والتعبد به من أعظم ما يتقرب به إلى الله ﵎، كما قال ﵊: (إنكم لن تتقربوا إلى الله بشيء أحب إليه مما خرج منه) يعني: كلامه ﷾، لكن كيف ندعو الله ﷿ في كل مناسبة، ونقول: اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونحن أصلًا نهجر القرآن ولا نقرأ القرآن ولا نعيش مع القرآن؟! كيف ندعو الله أن يجعله ربيع قلوبنا ونحن لا نأخذ هذا الدواء؟! إن هجرنا لهذا الدواء الموجود في الصيدلية لا ينفي كونه سببًا من أسباب الشفاء، وكون بعض الناس يعرضون عن تعاطي هذا الدواء الذي هو القرآن -وهو سبب من أسباب الشفاء- لا يقدح في كونه شفاءً لما في الصدور، يقول ﷿: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء:٨٢]، وهذا المعرض عن القرآن لا يعود وبال عمله إلا على نفسه، فيكون ممن يشتكيهم رسول الله ﷺ إلى ربه يوم القيامة: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا﴾ [الفرقان:٣٠]، فالسؤال الذي يجب أن يعرضه كل منا على نفسه: إذا كنت تسأل الله وتدعوه بقولك: اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، كيف يكون ربيع قلبك وأنت لا تتعاطى هذا الدواء ولا تداوي قلبك به؟!

4 / 8