Duroos of Sheikh Muhammad Isma'il Al-Muqaddim
دروس الشيخ محمد إسماعيل المقدم
Жанры
الامتناع عن الشهوات لله من أجل الحصول عليها في الآخرة
إن هؤلاء الصالحين الفرحين بقدوم رمضان يعلمون أن الامتناع عن الشهوات لله ﷿ في هذه الدنيا سبب لنيلها في الآخرة، فإن من كف نفسه عن شيء منعه الله منه فمن فضل الله وعدله أنه لابد من أن يعوضه الله ﷿ خيرًا منه وأفضل.
فإذا تأملنا مفهوم قول رسول الله ﵌: (من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة إلا أن يتوب) عرفنا ذلك، وشتان بين خمر الدنيا وخمر الآخرة، فهذه تذهب العقول وتهين الإنسان، وأما تلك فليس فيها سوى مسك، وهي شراب طهور، كما وصفها الله بقوله: ﴿لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾ [الصافات:٤٦]، فمن شرب الخمر الذي منعه الله في الدنيا عوقب بأنه يحرم من شرب الخمر في جنة الرضوان.
ومن تأمل -أيضًا- قول رسول الله ﵌: (من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة) أدرك ذلك، والحرير محرم على الرجال، فمن لبس الحرير منهم وتمتع به في الدنيا فإنه يعاقب بحرمانه منه في الآخرة.
روى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: (أن رسول الله ﵌ بعث أبا موسى على سرية في البحر، فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف: يا أهل السفينة! قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبرًا، قال: إن الله ﵎ قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش) رواه البزار، وحسنه المنذري والألباني.
ورواه -أيضًا- ابن أبي الدنيا بنحوه إلا أنه قال: (إن الله قضى على نفسه أن من عطّش نفسه لله في يوم حار كان حقًا على الله أن يرويه يوم القيامة، قال: فكان أبو موسى يتوخى اليوم الشديد الحر فيصومه ابتغاء ثواب الله الذي وعده به).
وهناك -أيضًا- حديث صحيح في نفس هذا المعنى، وهو حديث سهل بن سعد ﵁ عن النبي ﵌ أنه قال: (إن في الجنة بابًا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد، ومن دخل شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا).
فثواب الله ﷿ لمن كفّ عن الشهوات المباحة طاعة لله وانقيادًا لأمره أن يكافئه بهذه المكافأة يوم القيامة.
إذًا: لا شك أن استحضار هذا النعيم وهذا الثواب يهون على الإنسان ما يلقاه من العناء في شهر الصيام.
9 / 7