من صفات النار وأهلها
وأما النار فلا ندري عما نتحدث عنها.
أنتحدث عن عمقها؟! فقد روى مسلم عن أبي هريرة ﵁ وأرضاه قال: (كنا مع الرسول ﷺ في مجلس إذ سمعنا وجبة -أي: صوتًا- فقال النبي ﷺ: أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال النبي ﷺ: إن هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفًا -سبعين عامًا- فهو يهوي في النار إلى هذه اللحظة) الآن وصل إلى قعرها، ومع ذلك وعد الله ﷾ هذه النار للعصاة وللكفار، والعصاة من أمة محمد ﷺ يدخل بعضهم ثم يخرجون؛ فإن النار لا يخلد فيها إلا المشرك، وأما الموحد -فلله الحمد- لا يخلد في النار.
وما ندري أنتحدث عن كثرة الملائكة الذين يأتون بالنار؟ فهذا الحديث رواه مسلم عن ابن مسعود ﵁: (يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك) .
أم نتحدث عن وقودها؟ فقد ذكره الله في القرآن: ﴿وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [البقرة:٢٤] ونعوذ بالله أن نكون من وقود النار.
أم نتحدث عن شدة حرها؟ فقد روى لنا البخاري ومسلم أن النبي ﷺ يقول: (إن نارنا جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، فقيل للرسول ﷺ: يا رسول الله! إن نارنا لكافية) كافية أن يعاقب بها الإنسان، والصحابة ﵃ يحكون عن واقع، من منا يتحمل أن يضع إصبعه على وقود النار التي عندنا، من منا يستطيع أن يضع إصبعه على عود الثقاب حتى ينطفئ، فكيف إذا وعد الإنسان أن يكون في غمرات النار من فوقه وتحته -نعوذ بالله من النار- فقال النبي ﷺ: (إنها فضلت عليها -يعني: على ناركم- بتسعة وستين جزءًا كلهن مثل حرها) نعوذ بالله منها.
أنتكلم عن بشاعة منظرها؟ فقد ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: (إني رأيت الجنة) ونسأل الله أن نكون من أهل الجنات، وقد رآها النبي ﷺ في صلاة الكسوف، صلى النبي بالصحابة وإذا به تفتح له الجنة ويراها رأي العين، ويتقدم بأبي هو وأمي ﷺ يريد أن يأخذ عنقودًا من عناقيد الجنة، قال الراوي: (فتقدم الصحابة ثم تأخر النبي فتأخر الصحابة فسألوا الرسول: لم تقدمت وتأخرت؟ فقال النبي: فتحت لي الجنة ورأيتها رأي العين فأردت أن آخذ عنقودًا من عناقيدها، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا) عنقود واحد يبقى مع الناس ما بقيت الدنيا يأكلون منه، كيف بمن يتقدم في القصور والجنات، ويتقلب بين الأنهار والأشجار والخير العميم الذي أعده الله لأوليائه؟ وقال النبي في سبب تأخره: (رأيت النار فلم أر كاليوم منظرًا أفظع منه أبدًا، ورأيت أكثر أهلها النساء) ثم فسر النبي ﷺ سبب ذلك.
أما كثرة ساكنيها، فقد روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري ﵁ أن الله يقول لآدم: (يا آدم! أخرج بعث النار؟ قال: يا رب! وما بعث النار، قال: أخرج من كل ألفٍ من ذريتك واحدًا إلى الجنة، وتسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار، فلما سمع الصحابة ذلك الخبر غطوا رءوسهم ولهم خنين، يقولون: متى النجاة يا رسول الله؟! -متى ننجو إذا كان من الألف واحد إلى الجنة وتسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار- فبشرهم النبي ﷺ وقال: أبشروا، ثم ذكر أن معظمهم من يأجوج ومأجوج -ثم أسرهم ببشرى عظيمة- قال لهم صلوات الله وسلامه عليه: إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، قال: فكبرنا فرحًا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، قال: فكبرنا فرحًا، ثم قال: إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة، فكبر الصحابة -فرحًا بهذا الخير العظيم-) .
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن الرسول ﷺ قال: (ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع) ولعلها تضخم أجسادهم والسبب: لتكون العقوبة على كل جزءٍ من أجسادهم.
وقد ثبت في مسلم: (إن ضرس الكافر يوم القيامة أو نابه مثل أحد، وإن غلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام) ونعوذ بالله أن نكون من الكافرين.
وهذا يوجب لنا أحبتي أن نحمد الله تعالى على الهداية لهذا الدين، وعلى تحبيب الإيمان في قلوبنا، وأن تسأل الله دائمًا الثبات على دينه.
2 / 10