دلالات وإشارات من سورة الغاشية
لعل بعض الأحبة يقول: لم اخترت هذه السورة دون غيرها؟ فأقول: قد فكرت في نفسي وقلت: لم أقيم درسًا طويلًا في القرآن، ولكن لو جعلتها دروسًا متعلقة بالسور التي نقرؤها نحن، ونسمعها دائمًا، وترتبط بنا بمناسبات وبأوقات محددة، فالناس في حاجة إلى أن يكشف لهم شيء من معانيها، وأن يستفيدوا شيئًا من دروسها، وأن يتأثروا بما فيها من معانٍ ودلالات، وإن كنا بحاجة إلى معرفة تفسير القرآن كله وليس سورًا محددة؟ وسبحان الله! إني أتأمل قول الشافعي رحمه الله تعالى حين قال كلمته المشهورة في سورة والعصر: أنها لو أنزلت على الناس كحجة وحدها لكفتهم.
لما تشتمل عليه من المعاني العظيمة؛ من الأمر بالإيمان، والعمل والصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر، وهذا هو الدين، وهي سورة جامعة عظيمة.
كيف والناس في حاجة إلى علمٍ بسورة الفاتحة -أعظم سورة في كتاب الله- وفي حاجة إلى أن يعلموا شيئًا من السور التي نقرؤها في مناسبات عدة؟ مثلًا سورة الغاشية فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير ﵁ وأرضاه أنه سئل: (بم كان النبي ﷺ يقرأ يوم الجمعة؟ قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية:١]) نسمعها يوم الجمعة، ويوم العيد، ونقرؤها في الوتر، وتجد أن الإنسان يحتاج إليها ويقرؤها لما تشتمل عليه من المعاني العظيمة.
2 / 3