112

Duroos by Sheikh Ali Bin Umar Badahdah

دروس للشيخ علي بن عمر بادحدح

Жанры

الجولة العاشرة: مواقف من عبادة الإمام أحمد وصلته بربه ﷿:
نمضي مع الإمام أحمد في صلته بالله ﷿ وإذا به العابد الذي وصفه ابنه فقال: كان أبي يصلي في كل يوم ثلاثمائة ركعة، فلما ضرب بالسياط في المحنة وسجن ثمانية وعشرين شهرًا ضعف فكان يصلي في اليوم والليلة مائة وخمسين ركعة وقد بلغ الثمانين؛ فأي أحد في هذه العصر إلا من رحم الله يستطيع أن يفعل مثل هذا الفعل؟! فلذلك لا يكون أهل العلم علماء حقيقيين إلا أن يجمعوا مع العلم العبادة والصلة بالله ﷾.
يقول أحد طلاب العلم: إنه جاء إلى الإمام أحمد مسافرًا فنزل ضيفًا عليه قال: فأعد لي ماءً ثم ذهب فجاء في الصباح فرأى الماء لم أمسه فقال: طالب حديث لا يقوم الليل! قال: فقلت: أنا مسافر؛ قال: وإن كنت مسافرًا فإن مسروقًا حج ولم ينم إلا ساجدًا.
أي: من كثرة ما كان يصلي يغلبه النوم في سجوده؛ فهذا يدلنا على ما كان عليه أهل الإيمان من الصلة بالله التي نفتقر إليها اليوم كثيرًا، قد نكثر من الكلام وقد نكثر من الخطب والمواعظ وقد نكثر من القراءة في الكتب وقد نكثر من سماع الدروس، لكننا إلا من رحم الله نقل ونقل ونقل كثيرًا من الصلة والطاعة والعبادة والصلاة والقيام والذكر والتلاوة، ويقول أيضًا عبد الله في وصف أبيه: كان أبي يقرأ كل يوم سبعًا، يعني: يختم القرآن في سبعة أيام، وكان ينام نومة خفيفة بعد العشاء، ثم يقوم إلى الصباح يصلي ويدعو.
ويقول: ربما سمعت أبي في السحر يدعو لأقوام بأسمائهم وكان يكثر الدعاء ويخفيه، وكانت قراءته خفيفة وربما لم أفهم بعضها، وكان يصوم ويدمن الصوم ثم يفطر ما شاء الله، ولا يترك صوم الإثنين والخميس وأيام البيض، فلما رجع من العسكر أدمن الصوم إلى أن مات، فهذا كان حاله في العبادة والصلة بالله ﷾ على أمر فريد عجيب.

9 / 12