فإن قال قائل: فكذلك أيضا لا يجوز أن يوصي لغير الوارث بغير الثلث، فما معنى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا وصية لوارث؟

قيل له: إن القريب خلاف البعيد، والبعيد إذا لم يجز الورثة وصيته فيما سوى الثلث، لم يخش فيما بينه وبينهم قطيعة رحم، والقريب منه إذا أوصى له بشيء زائد على الثلث ولم يجز ذلك سائر الورثة، وقع التباغض وقطيعة الرحم لا أشك في ذلك.

قال يحيى عليه السلام: وتجوز الوصية بالإيماء إذا كان الموصي يعقلها.

وقد روي عن الحسن والحسين عليهما السلام أنهما فعلا ذلك بأمامة بنت أبي العاص بن الربيع الأموي، وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكان علي بن أبي طالب قد تزوجها بعد وفاة فاطمة بنت رسول الله وذلك أن فاطمة عليها السلام سألته أن يتزوجها وهي ابنة أختها، فأشارت برأسها نعم، فأجازا ذلك وأنفذاه.

وبإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أن رجلا استشاره أن يوصي بثلثي ماله فقال: ((لا))، قال: فالنصف؟ قال: ((لا))، فقال: فالثلث؟ قال: ((الثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها)).

Страница 157