أم قدره وهو بالفلسين مردود؟
وذاك أن الفحول البيض عاجزة
عن الجميل فكيف الخصية السود؟
ومنهم البيض، ومن أشهرهم الأتراك والصقالبة، وقد كان الناس يفضلون الصقالبة على الأتراك، كما يدل على ذلك جملة للخوارزمي وردت في كتاب يتيمة الدهر: «ويستخدم التركي عند غيبة الصقلبي.»
14
وقد كان أهم مركز لتجارة الرقيق الأبيض مدينة سمرقند؛ فقد اشتهرت بإصدار أحسن الرقيق من هذا النوع، وعظمت تجارته في المملكة الإسلامية، وفي أوروبا، وكان تجاره في أنحاء أوروبا من اليهود.
15
وقد كان لكل نوع من أنواع الرقيق ميزات خاصة يعرف بها؛ «فالهنديات عرفن بالوداعة، ولين الجانب، والهدوء، وحسن رعاية الطفل، ولكن سرعان ما يعرض لهن الذبول. وامتاز الرقيق من رجال الهنود بتدبير المنزل، والمهارة في الصناعات اليدوية، ولكنه عرضة للموت الفجائي في ريعان شبابه، وأغلب ما يجلب الرقيق الهندي من «قندهار»، واشتهرت السنديات بالخصر النحيل، والشعر الطويل. واشتهرت مولدات المدينة (يعني الإماء اللاتي نشأن بالمدينة وربين فيها) بالدلال، والميل إلى السرور والفكاهة والمجون، وبحسن الاستعداد للنبوغ في الغناء. وعرفت مولدات مكة بدقة المعصم والمفصل، والعيون الناعسة، والأمة البربرية (المغربية) لا تبارى في حسن الإنتاج، وهي لدماثة خلقها ولين عريكتها صالحة لأن تعود نفسها القيام بأي نوع من العمل، والمثل الأعلى للجارية كما قال أبو عثمان الدلال: أن تكون من أصل بربري، فارقت بلادها، وهي في التاسعة من عمرها، ومكثت ثلاث سنين في المدينة، ومثلها في مكة، ثم رحلت إلى العراق في السادسة عشرة من عمرها لتتثقف بثقافته، فإذا بيعت في الخامسة والعشرين كانت قد جمعت بين جودة الأصل، ودلال المدنيات، ورقة المكيات، وثقافة العراقيات.» «والسودانيون كانوا يغمرون الأسواق، وقد عرفوا بقلة الثبات والإهمال، كما عرفوا بالميل إلى الضرب على الدف والرقص، وهم أحسن خلق الله بياض أسنان لكثرة لعابهم ، ويعابون عادة بنتن الإبط، وخشونة الملمس.» «والحبشيات عرفن بالضعف والترهل، والاستعداد لأمراض الصدر، وهن على العكس من السودانيات لا يحسن الغناء ولا الرقص، ولكنهن قويات الخلق، موضع للثقة، أهل للاعتماد عليهن.» «والتركية بيضاء البشرة، على حظ عظيم من جمال وحياة، ولها عينان صغيرتان جذابتان، وهي في الغالب بدينة أميل إلى القصر، ولود، كريمة نظيفة تجيد الطهي، ولكن لا يوثق بها ولا يعتمد عليها.» «والأمة الرومية بيضاء البشرة في حمرة، ناعمة الشعر زرقاء العينين، طيعة مستعدة للتشكيل بما يحيط بها من ظروف، مخلصة ثقة. والعبد الرومي يجيد تدبير المنزل، ويحب النظام، ويميل إلى القصد في الإنفاق، ويجيد الفنون الجميلة.» «والأرمن شر الجنس الأبيض، بنيتهم جيدة ولكن أقدامهم قبيحة، لا يعرفون بالعفة، وتفشو فيهم السرقة، خشونة في طباعهم، وخشونة في كلامهم. إذا أنت تركت الأرمني ساعة بلا عمل عمد إلى الأذى يرتكبه، وهو إنما يعمل للخوف، فيجب أن تحمل له العصا دائما، وتعنفه ليعمل ما تريد.
16
إذن كان الرقيق وعلى الأخص الجواري مختلفات الأنواع؛ هنديات، وسنديات، ومكيات، ومدنيات، وسودانيات وحبشيات، وتركيات، وروميات، وأرمنيات. وقد شبه الجاحظ أصناف الرقيق عند النخاسين بألوان الحمام؛ فشبه الصقالبة بالحمام الأبيض، وشبه الزنج بالحمام الأسود ... إلخ.
Неизвестная страница