Doroos Al-Sheikh Hassan Abu Al-Ashbal
دروس الشيخ حسن أبو الأشبال
Жанры
نصح الأنبياء لأقوامهم
إن الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:١٠٢]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء:١]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب:٧٠ - ٧١] أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وإنما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين.
يقول الله ﵎: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات:٥٦ - ٥٨].
فحصر الله ﵎ في هذه الآية الغاية من خلق الخلق أجمعين، وأن ذلك ما كان إلا لإخلاص العبادة له سبحانه.
فقال: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات:٥٦]، وعند أهل العربية أن (ما) و(إلا) للحصر، فهذه الآية قد جمعت هاتين الأداتين من أدوات الحصر، مما يدل على أن الخلق أجمعين ما خلقهم الله ﵎ إلا ليحققوا العبادة المحضة لله تعالى، ولما كانت العبادة قد أوكلت إلى الجن والإنس اختلفوا فيها لاختلاف علمهم وأمزجتهم وأفهامهم وعقولهم، لم يدع الله ﵎ الأمر إليهم، فإنه لم يخلقهم هملًا، ولم يتركهم سدى، إنما أرسل إليهم الرسل والأنبياء، وأنزل عليهم الكتب، فلم تكن العبادة لله ﷿ محل اجتهاد عابد من العباد، وإنما هي أمر توقيفي؛ لأن المرء إذا عبد الله تعالى بشيء من عنده لم يكن له فيه نص فقد خرج عن حد الشرع، وهذا هو حد الابتداع، وهو: أن تبتدع بشيء من عندك تتقرب به إلى الله تعالى لم يكن لك فيه دليل ولا نص.
5 / 3