457

Не печалься

لا تحزن

Издатель

مكتبة العبيكان

Жанры

تداول ﷺ مع أصحابِه الرأي في بدرٍ: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ﴾، ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى﴾، فأشارُوا عليه فَعَزَم ﷺ وأقدم، ولم يلوِ على شيءٍ.
إن التردٌّد فسادٌ في الرأيِ، وبرودٌ في الهمَّةِ، وَخَورٌ في التصميمِ وشَتاتٌ للجهدِ، وإخفاقٌ في السَّيْرِ. وهذا التردُّدُ مرضٌ لا دواء له إلا العزمُ والجزمُ والثباتُ. أعرفُ أناسًا من سنواتٍ وهم يُقدِمون ويُحجمون في قراراتِ صغيرةٍ، وفي مسائل حقيرةٍ، وما أعرفُ عنهم إلا روح الشكِّ والاضطرابِ، في أنفسِهم وفي من حولهم.
إنهم سمحوا للإخفاقِ أن يصل إلى أرواحِهم فَوَصَلَ، وسمحُوا للتشتُّتِ ليزور أذهانهم فزار.
إنه يجب عليك بعد أن تدرس الواقعة، وتتأمَّل المسألة، وتستشير أهل الرأي، وتستخير ربَّ السماواتِ والأرضِ، أن تُقدِم ولا تُحجِم، وأن تُنْفِذ ما ظهر لك عاجلًا غير آجلٍ.
وقف أبو بكر الصدِّيق يستشيرُ الناس في حروبِ الردةِ، فأشار الناسُ كلهم عليه بعدمِ القتالِ، لكنَّ هذا الخليفة الصدِّيق انشرح صدرُه للقتالِ، لأن هذا إعزازٌ للإسلامِ، وقطْعٌ لدابر الفتنةِ، وسحقٌ للفئاتِ الخارجةِ على قداسةِ الدينِ، ورأى بنورِ اللهِ أن القتال خيرٌ، فصمَّم على رأيه، وأقسم: والذي نفسي بيدهِ، لأُقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاةِ والزكاةِ، والله لو منعوني عقالًا كانوا يؤدُّونه لرسولِ الله ﷺ لقاتلتُهم عليه. قال عمر: فلما علمتُ أن الله شرح صدر أبي بكر، علمتُ أنه الحقُّ. ومضى وانتصر وكان رأيهُ الطيب المبارك، الصحيح الذي لا لُبْس فيه ولا عِوَجَ.

1 / 484