فإن قيل: فإنه يكفي القائلَ بأن لفظ "ركعة" حقيقة شرعية في المرَّة من الركوع أن يقول: قد ثبت أنها حقيقة لغوية في ذلك، والأصلُ موافقة الشرع للّغة.
قلت: فعلينا البيان، في الصلاة الشرعية أمران يحتاج كلٌّ منهما إلى لفظ يدل عليه:
الأول: المرة من الركوع.
والثاني: الواحدة التي تتألف صلاة المغرب من ثلاثٍ منها، والصبح والجمعة من اثنتين، وكذا بقية الفرائض في حقّ المسافر. أما المقيم فمن أربع، وهكذا يختلف حال سائر الصلوات كالعيدين والاستسقاء والنوافل.
والحاجة في الشرع إلى ذكر الثاني أكثر منها (^١) إلى ذكر الأول، وبتتبُّعِ النصوص الشرعية يتضح أنها [تُعبِّر] (^٢) عن الأول غالبَا بالركوع، وتُعبِّر عن الثاني بالركعة، وكثُر هذا جدًّا من لفظ النبي ﷺ ولفظ أصحابه في حياته وبعد وفاته، وبتدبُّرِ ذلك يتبينُ أن الذي كان يتبادر في عهده ﷺ من كلمة "ركعة" في الكلام الشرعي هو الأمر الثاني، فهي حقيقة شرعية.
فمما ورد من لفظ النبي ﷺ خاصةً مما ورد في "الصحيحين" أو أحدِهما:
حديثُ أبي هريرة (^٣) مرفوعًا: "من أدرك من الصبح ركعةً قبل أن تطلع الشمس .. ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس ... ".