توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Издатель
مكتبة الخنانجي بمصر
Номер издания
الأولى
Жанры
كان العمل بشهادته لا يجب ما لم ينضم إليه شاهد آخر، وتظهر عدالته بالتزكية.
ويرد السرخسي على هذا الاعتراض بأن الشاهد الواحد ليس عليه أداء الشهادة إذا كان وحده -كما يدعي هؤلاء- لأن شهادته لا تنفع المدعي فلو لم يكن خبر الواحد حجة وواجب العمل به هنا لما وجب الإنذار بما سمع، وهذا بخلاف الشاهد إذا كان وحده.
وإذا ثبت بالنص أنه مأمور بالإنذار، فإنه يجب القبول منه؛ لأنه في هذا بمنزلة رسول الله ﷺ الذي كان مأمورًا بالإنذار، وكان قوله ملزمًا للسامعين، وقد بين الله ﷿ في النص حكم القبول والعمل به في قوله ﷾: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ أي: لكي يحذروا عن الرد والامتناع عن العمل بعد لزوم الحجة إياهم بخبر الواحد١.
٢- قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾، وقد بلغ رسول الله ﷺ، الرسالة بلا خلاف، وهو ﷺ، لم يأت كل واحد بنفسه فشافهه، ولكنه بلغ قومًا بنفسه وآخرين برسول من رسله وآخرين بكتاب من كتبه ... فلو لم يكن خبر الواحد حجة لما كان مبلغًا رسالة ربه بهذا الطريق إلى الناس كافة، وعندما فتحت بلدان نائية في عهده ﷺ، أرسل إلى كل بلد عاملًا عن عماله، ولو لم يكن خبر الواحد حجة في أمور الدين لما اكتفى رسول الله ﷺ بهذا العامل أو ذاك.
وكذلك النساء في البيوت على عهده، ﷺ، إنما كانت تبلغهن أمور الدعوة، وهن مخدرات في بيوتهن بإخبار أزواجهن الذين كانوا يحضرون مجلس رسول الله ﷺ، ثم يبلغونهن ويعلمونهن ولو لم يكن خبر الواحد حجة لأمرهن الرسول، صلوات الله وسلامه عليه
_________
١ أصول السرخسي: ١/ ٣٢٢ - ٣٢٤.
٢ سبأ: ٢٨.
1 / 108