توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Издатель
مكتبة الخنانجي بمصر
Номер издания
الأولى
Жанры
١٧٩- أما خبر الآحاد أو خبر الخاصة -كما يعبر الشافعي- فالحجة فيه قائمة، ولازم للمسلمين أن يعملوا به، كما يلزمهم أن يقبلوا شهادة العدول ... ولكنه دون نص كتاب الله وخبر العامة، بحيث لو شك فيه شاك لمنقل له: تب، "وقلنا ليس لك -إن كنت عالمًا- أن تشك، كما ليس لك إلا أن تقضي بشهادة الشهود العدول، وإن أمكن فيهم الغلط، ولكن تقضي بذلك على الظاهر من صدقهم، والله ولي ما غاب عنك منهم١".
١٨٠- وعلى الرغم من هذه الإفاضة فإننا نلاحظ أن أكثر من أورده -إن لم يكن كله- يعتمد على خبر الواحد الذي ينكره الخصم، ومع هذا فيبدو أن الذين كان يجادلهم الشافعي يعرفون تلك الأخبار، ويسلمون بها، أو كما يقول السرخسي معتذرًا عن إيراد عيسى بن أبان "٢٢٠هـ". لها أيضًا: إنما استدل بها؛ لكونها مشهورة في حيز التواتر٢، ويقول البخاري صاحب كشف الأسرار: إن هذه الأخبار، وإن كانت أخبار آحاد لكنها متواترة من جهة المعنى، كالأخبار الواردة بسخاء حاتم، وشجاعة علي فلا يكون لقائل أن يقول: ما ذكرتموه في إثبات كون خبر الواحد حجة هي أخبار آحاد٣.
جهود أخرى:
ومن الإنصاف أن نقول: إنه لم يكن الشافعي وحده في ميدان المدافعين عن خبر الواحد، وإنما كان معه في عصره أئمة دافعوا عن السنة ضد هؤلاء المهاجمين لها أو التاركين، ويهمنا أن نشير في هذا الصدد إلى جهود مدرسة الأحناف، فقد ذكر السرخسي أن الإمام محمد بن الحسن الشيباني ذكر دفاعه في كتاب "الاستحسان"، كما ذكر عيسى بن أبان كثيرًا من الأدلة التي تثبت حجية خبر الواحد، ووجوب العمل به٤.
_________
١ الرسالة: ٤٦٠، ٤٦١.
٢ أصول السرخسي جـ١ ص٣٢٨.
٣ كشف الأسرار جـ٢ ص٦٩٥.
٤ أصول السرخسي جـ١ ص٣٢٨ - أصول البزدوي "في الإشارة إلى أدلة محمد" جـ٢ ص٦٩٤.
1 / 105