توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته
Издатель
مكتبة الخنانجي بمصر
Номер издания
الأولى
Жанры
والخاص، فأحب أن يستوثق من ذلك، ولو لم يأت بشاهد آخر لقبل حديثه؛ لأنه قبل حديث راو واحد، في غير ذلك من الأخبار، قبل حديث الضحاك ابن سفيان ﵁ في توريث المرأة من دية زوجها، وقبل حديث عبد الرحمن بن عوف ﵁ في الطاعون حين رجع من الشام. وقبل حديثه أيضًا في أخذ الجزية من المجوس، ولم يطلب منه شاهدًا آخر. وإنما لم يقبل حديث فاطمة بنت قيس، لأنه يخالف كتاب الله، في رأيه، فقد نص القرآن الكريم على سكنى المطلقة، قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ﴾ على حين أنها قالت: لم يجعل لي رسول الله ﷺ نفقة ولا سكنى.
١٩٥- ولم يقبل علي ﵁ حديث أبي سنان لمذهب خاص اتخذه لنفسه من أجل توثيق سنة رسول الله ﷺ، وهو أنه كان لا يقبل رواية الأعراب، وكان يحلف الراوي إذا روى له حديثًا إلا أبا بكر ﵁، فإنه كان لا يستحلفه، لثقته فيما يرويه عن رسول الله ﷺ. وقد عمل علي بخبر الواحد، ومن هذا قبوله رواية المقداد في حكم المذي.
وقد قبل ابن مسعود حديث أبي سنان، هذا الذي رفضه علي، وسر به؛ لأنه لم يكن له مذهب على الذي ذكرناه.
١٩٦- على أن باب الشهادات غير باب الأخبار، ولا يلتقان دائمًا، ففي الشهادات تقوم المرأتان مقام رجل واحد، وفي الأخبار الرجال والنساء سواء. واشتراط العدد في الشهادات توقيفي لمعنى يعلمه الله تعالى، واستأثر ﷿ بعلمه، والواجب علينا اتباع النص، وإلا فإن تهمة الكذب لا ترتفع بعدد الشهادة١.
١٩٧- وإذا كان المحدثون لا يرون بأسًا برواية الواحد، ولا يشترطون عدد الشهادة فإنهم قد يلتقون على نحو ما مع هؤلاء؛ لأنهم يكرهون الحديث
_________
١ أصول السرخسي ١/ ٣٣١ـ ٣٣٢- كشف الأسرار ٢/ ٦٩٤.
1 / 115