415
الجاهلية لا يعرفون من لفظ الجسم ما أحدثه هؤلاء المتأخرون من أنه مركب إما من المادة والصورة، أو من الجواهر المنفردة، أو ما تركب من أجزاء متفرقة، ولا كانوا يعرفون ما أحدثه هؤلاء من لفظ "الأعراض" و"الأغراض" و"الأبعاض" و"الحيز" و"الجهة". وإنما يعرف هذا عن١ ورثة المجوس، والمشركين وضلال اليهود، والنصارى والصابئين، وأفراخ المتفلسفة، وأتباع الهند، واليونان، وأما العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، فإن الجسم معناه في لغتهم البدن الكثيف، الذي لا يسمى في اللغة جسم سواه، فلا يقال للهواء جسم لغة، ولا للنار ولا للماء.
وإذا كان ذلك كذلك، كان هذا المعنى منفيًا عن الله تعالى عقلًا وسمعًا.
وكذلك ما يعني هؤلاء الملاحدة بالجسم أنه مركب إما٢ من المادة والصورة والهيولي، أو من الجواهر المنفردة٣، أو من الأجزاء المتفرقة: منفي عن الله تعالى باتفاق من أثبته ومن نفاه من العقلاء، حتى في الممكنات.
فإذا تمهد هذا فالكفار الجهال كانوا أصح عقولًا،

١ في ط الهند "من".
٢ سقطت "إما" من ط الرياض.
٣ في النسختين: (الفردة) .

1 / 414