Диван Маани
ديوان المعاني
Издатель
دار الجيل
Место издания
بيروت
وعجبت كيف حططت الدعاء من رتبته المعروفة وخفضت الخطاب عن درجته المألوفة وأنت على منزلتك لم تزدد نقيرا وأنا في درجتي لم أنقص قطميرا فكيف لو زدت زادك الله بصرًا بمالك وعليك وأراك من عيبك مالا يتصور لديك وكفاك من شر نفسك ما هاصر عليك من كيد عدوك وشماتة حسودك ولا أختار لك أن تتكبر كلما تكبر وتتجبر كلما تجبر فقد سمعت ما قال يحيى بن خالد: من بلغ رتبة فتاه أخبر أن محله دونها ومن بلغها فتواضع أعلم أن حقه فوقها فكيف والأحوال على ما كانت عليه لم يصر الهلال بدرًا ولا الشبل ليثًا ولا الغصن ساقًا ولا القطوف معتاقًا. والعرب تسمى الكبر تيهًا وهو الحيرة لأن صاحبه لا يهتدي لرشاد ولا يصل إلى سداد ولو لم يكن إلا التطير من اسمه دون التحلي بقبح سمته ورسمه لكان العاقل حقيقًا بتركه وخليقًا برفضه، وقد قيل ليس لمعجب رأي ولا لمتكبر صديق فإياك أن تحرم نفسك بكبرك الذي يضرك ولا ينفعك ويحطك ولا يرفعك استفادة الإخوان الذين هم أبلغ في الخير والشر من البيض الحداد وأحضر عناء في الأمن والخوف من الطرائف والتلاد فإن ذلك غبن كبير وحرمان جسيم، وقد قال الأول:
(ما بالُ من أولهُ نطفةُ ... وآخره جيفةُ يفخرُ)
ولبعض بني هاشم وهو الرضى رحمه الله تعالى:
(ولربَ مولى لا يغضُ جماحهُ ... طولُ العتابِ ولا عناءُ العذَّلِ)
(يطغى عليك وأنتَ تلأمُ شعبهُ ... والسيف يأخذ من بنانِ الصقيل)
(ضاقَ الزَّمانُ فضاقَ فيه تقلبي ... والماءُ يجمعُ نفسَه في الجدولِ)
وقال بعضهم في يزيد بن المهلب:
(فمن يلازم النازلون محله؟ ... فمنزلكم للحمدِ والشكرِ منزلُ)
(رأى الناسُ فوقَ المجد مقدارَ مجدكم ... فقد يسألوكم فوقَ ما كان يسألُ)
(وقصّر عن مسعاكُم كلُ آخرِ ... وما فاتكم ممن تقدمَ أوَّلُ)
1 / 165