وقال ابن حبيب: حدثني ابن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يونس بن يزيد عنس ليمان بن قيس أن رسول الله ﷺ استشار جبريل ﵇ في القضاء باليمين مع المشاهد، فأمره الله بذلك.
وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله ﷺ قضى به في الحقوق، وقضى بذلك علي وشريح. وقال مالك: مضت السنة بحلف الطالب مع شاهده، ويستحق حقه، فإن نكل حلف المطلوب، وإلا غرم. وذلك في الأموال خاصة، لا في الحدود ولا في النكاح والطلاق والعتاقة والسرقة والفرية. وأجمع عليه مذهب الشافعي وأصحابه وابن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وداود.
قال مالك: يقضي به في كل بلد ويحملون عليه وليس للمالكيين في خلاف حيث كانوا، إلا يحيى بن يحيى بالأندلس فإنه تركه وزعم أنه لم ير الليث يقول به.
وقد افتى جماعة من جلة علماء العراق باليمين اتباعًا لسنة، وقضى به ريح ويحيى بن يعمر وغيرهما. وقالت جماعة منهم – وهو مذهب أبي حنيفة -: لا يقضي به، وقد روي عن الزهري عن اختلاف عنه فيه.
وقال محمد بن الحسن: يفسخ القاضي ما حكم فيه بالميمين مع الشاهد لأنه خلاف القران. وهذا جهل وعناد للسنة، وليس بخلاف للقرآن، لكنه زيادة بيان كالمنع من نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها، مع قوله تعالى: ﴿وأحل لكم ما وراء ذلكم﴾ ومثله كثير.
وفي أحكام ابن زياد:
الذي كشفنا عنه القاضي وفقه الله من الحكم في اليمين مع الشاهد؛ فالذي نقول به: اليمين مع الشاهد مما اختلف فيه أهل العلم، فأما مالك فإنه كان يرى ذلك، وأما الليث فإنه كان يرى أن كل حق لم يشهد فيه عدلان فلم يرد الله إتمامه.
قال عبيد الله بن يحيى: وكان أبي رحمه يجنح إلى قول الليث، ويحكي عن محمد بن بشير أنه لم يحكم في ولايته جميعًا باليمين مع الشاهد إلا حكمًا واحدًا، وأنا – رحمك الله – لست أؤثر على ما تخبره أبي شيئًان إلا أني كنت أعرفه كان يذهب إلى التخيير إلى القاضي، إن كان الذي يشهد فيه الشاهد المبرز في الأمور التي لا يمكن أن يكون الإشهاد عليها مباحًا، مثل أن يكون في الأمور التي لا يوصل إلى الإكثار فيها من الشهداء، وكان ذلك الأمر الذي شهد فيه الشاهد مشهورًا عند الناس إن كان كتابًا قديمًا قد مات
1 / 88