أغدرا يا زمان!
(الوافر)
أغدرا يا زمان ويا شباب، # أصاب بذا، لقد عظم المصاب
وما جزعي لأن غرب التصابي، # وحلق عن مفارقي الغراب (1)
فقبل الشيب أسلفت الغواني # قلى، وأمالني عنها اجتناب
عففت عن الحسان، فلم يرعني # المشيب، ولم ينزقني الشباب (2)
تجاذبني يد الأيام نفسي، # ويوشك أن يكون لها الغلاب
وتغدر بي الأقارب والأداني، # فلا عجب، إذا غدر الصحاب
نهضت، وقد قعدن بي الليالي، # فلا خيل أعن، ولا ركاب (3)
وما ذنبي إذا اتفقت خطوب # مغالبة، وأيام غضاب
وآمل أن تقي الأيام نفسي، # وفي جنبي لها ظفر وناب
فما لي والمقام على رجال # دعت بهم المطامع، فاستجابوا
ولم أر كالرجاء اليوم شيئا، # تذل له الجماجم والرقاب
وكان الغبن لو ذلوا ونالوا، # فكيف إذا وقد ذلوا وخابوا
يريدون الغنى، والفقر خير، # إذا ما الذل أعقبه الطلاب
وبعض العدم مأثرة وفخر؛ # وبعض المال منقصة وعاب (4)
بناني والعنان، إذا نبت بي # ربى أرض ورحلي والركاب
وسابغة كأن الصرد فيها # زلال الماء لمعه الحباب (5)
Страница 123